أقول: لقد تقدم دليل المنع من بيع المكيل أو الموزون قبل قبضه، أو المنع من بيع بضاعة السلم قبل حلول الأجل، فهل الصلح الذي يذكر على أساس أنه عقد مستقل يختلف عن البيع والإجارة، (وإن كانت نتيجته البيع أو الإجارة) هل يشمله المنع المتقدم؟
الجواب: بالعدم وذلك، للتباين بين البيع والمصالحة التي تتحمل من المسامحة أكثر مما يتحمل البيع. هذا بالإضافة إلى عدم وجود نص من الكتاب أو السنة يمنع من التصرف في البضاعة السلمية (حتى وإن كانت مكيلة أو موزونة) على أساس المصالحة قبل القبض، فلا مناص من القول بصحة الصلح على المكيل والموزون قبل قبضه، ومن القول بصحة المصالحة على البضاعة السلمية قبل حلول أجلها ولكن بشرط أن ينقد الثمن حالا أما إذا كان نسيئة فيكون من باب بيع الدين بالدين على تفسير مشهور.
٥- الحوالة:
وهو ما يسمى بفكرة السلم الموازي الذي تكلمنا عليه سابقا فلا نعيد، بل نؤكد على أن عقد الحوالة عقد مستقل له شروطه الخاصة ومواصفاته فلا يمكن أن يكون داخلا في عقد البيع، ولذلك لا يشترط في عقد الحوالة التقابض حتى ولو كان الدينان من النقود، ولا يدخل في بيع الدين بالدين الذي يمنعه الفقهاء.
ونفس هذا الكلام قلناه في الوكالة في السلم الموازي فلا نعيد.
٦- الحطيطة:
وإذا نهت الروايات المتقدمة عن بيع المكيل أو الموزون ما لم يقبض، أو قام الإجماع على عدم جواز بيع ما لم يحل أجله، فهل تجوز الحطيطة عن رأس المال وإنهاء هذه المعاملة؟ أي بمعنى بيعها بأنقص من ثمنها.
الجواب:
إذا كانت علة النهي في بيع المكيل أو الموزون قبل القبض هي أن لا يربح بدون ضمان، فلا بد من تجويز الحطيطة؛ لأنها ليست ربحا بدون ضمان، ولكن لم يتضح لنا أن المانع هو ذلك لانتقاضه بالسلعة السلمية إذا لم تكن مكيلة أو موزونة بالإضافة إلى أن بعض الروايات لم تجوز إلا البيع تولية أو الشركة بربح، وبما أن الحطيطة ليست تولية ولا شركة فلا تجوز ولا يجوز بيعها قبل الأجل بالأولوية.