للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- أن تقوم الجهة (حكومة أو شركة أو غيرهما) بإصدار صك (وثيقة) تفيد أنها تبيع البضاعة السلمية المعينة إلى من يشتريها على أن تسلم له بعد سنة مثلا ولكن الشركة لا تكون مسؤولة إلا أمام من يبرز الوثيقة عند حلول الأجل. وهنا من يشتري هذه البضاعة السلمية ويتسلم الوثيقة لا يمكنه أن يبيع البضاعة السليمة قبل الأجل أو لا يمكنه من بيع المكيل أو الموزون قبل القبض وهذا شيء صحيح إلا أنه هل يتمكن أن يهب هذه البضاعة السلمية لشخص آخر بشرط أن يهب الآخر له شيئا معينا (وليكن كمية من المال) ؟

الجواب: ذكرنا أن الهبة عقد مستقل يختلف عن البيع حتى وإن كانت الهبة مشروطة بهبة الآخر له شيء آخر؛ لأن الهبة المعوضة (المشروط فيها هبة الآخر كمية من المال) عبارة عن التمليك الذي اشترط فيها العوض فهي ليست إنشاء تمليك بعوض على جهة المقابلة بعوض على جهة المقابلة، لذا لا يكون تملك للعوض بمجرد هبة الواهب إلى الموهوب له وتملكه ما وهب له، بل غاية الأمر أن الموهوب له بعد أن تملك ما وهب له يجب عليه أن يعمل بالشرط فيملك العوض، فإن لم يفعل كان للواهب الرجوع في هبته نتيجة اقتضاء عدم العمل بالشرط.

وعلى هذا فإن التعويض المشترط في الهبة كالتعويض الغير مشترط في الهبة، يكون عبارة عن تمليك جديد يقصد به وقوعه عوضا، لا أن حقيقة المعاوضة والمقابلة مقصودة في كل من العوضين كما يتضح ذلك بملاحظة التعويض الغير مشترك في ضمن الهبة الأولى.

ولو كانت الهبة المعوضة هي تمليك بعوض على جهة المقابلة، فلا يعقل تملك أحدهما لأحد العوضين من دون تملك الآخر للآخر، مع أن ظاهر الفقهاء في الهبة المعوضة هو عدم تملك العوض بمجرد تملك الموهوب له الهبة كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>