إذن قد اتضح أن البيع يختلف عن الهبة المعوضة اختلافا أساسيا حيث إن حقيقة البيع: تمليك العين بالعوض، وهذا لا يكون هبة معوضة وإن قصدها. وحقيقة الهبة المعوضة: هي التمليك المستقل مع اشتراط العوض في تمليك مستقل يقصد به العوضية، وهذا ليس معاوضة حقيقية مقصودة في كل من العوضين، وبهذا يبطل ما يقال من أن الهبة المعوضة هي بيع للاختلاف الحقيقي في معنييهما.
ولكن الذي يقف في وجه هذه العملية: أن الهبة لا بد في صحتها من القبض، والقبض للبضاعة لا يحصل بقبض الوثيقة، بل يحصل بقبض مصداق الوثيقة وهي العين الخارجية.
ولكن: أليس من حقنا أن نتساءل في أن الإعلان عن كون الشركة مسؤولة عمن يبرز هذه الوثيقة عند الأجل يكون قد جعل للوثيقة قيمة عرفية؟ وعلى هذا فهل يمكن أن يهب صاحب الوثيقة القيمة العرفية لهذه الورقة بما تحمل من قدرتها على تحقق البضاعة السلمية ويكون تسليمها هو تسليم لقيمتها بما تحمل من قدرة على البضاعة كهبة الدينار والدرهم؟
٢- إن المشتري للوثيقة يتمكن أن يوكل شخصا في استلامها في أجلها، مع إسقاط حق عزله من الوكالة ويجعل وكالته مطلقة بحيث يتمكن أن يفعل الوكيل بالبضاعة السلمية كل ما يحلو له حتى بيعها أو هبتها أو أكلها أو إتلافها وما إلى ذلك، وبما أن هذه الوكالة بهذه الصفة لها ثمن، فيتمكن الموكل أن يأخذ ثمن هذه الوكالة، وهكذا يفعل الثاني والثالث، وحينئذ لم يصدق أن المشتري قد نقلها قبل الأجل أو قبل القبض مع تحقق فكرة تداول صكوك السلم ودخولها في الاستثمار، فهل تكون هذه الفكرة كافية لتداول صكوك السلم؟
وعيب هذه الفكرة الثانية هو فيما إذا مات أحد الأفراد قبل حلول الأجل فقد سقطت الوكالة وحينئذ يستحق البضاعة السلمية ورثة الميت (لا من بيده الوثيقة وورثته) ، وهذا مما يلكأ هذا الطريق.
٣-قد نقول بأن التداول لصكوك السلم يحصل فيما إذا اقترض صاحب السلعة (صاحب الوثيقة والصك) مقدار هذه البضاعة من المال، ثم يقوم صاحب السلعة بمصالحة الدائن عما في ذمته من الدين بما في ذمة بائع السلم، فإذا كانت المصالحة عقدا مستقلا ولا ارتباط له بالبيع، فهل تكون هذه العملية كافية لتداول صكوك السلم؟