للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- شروط المسلم فيه:

لقد اشترط الفقهاء في المسلم فيه شروطا عديدة، وجعلوا تحققها لازما لصحة عقد السلم، وإن كانت آراؤهم واجتهاداتهم غير متوافقة في جميع الأحكام وسائر المسائل، وإليك بيان ذلك:

الشرط الأول: أن يكون دينا موصوفا في الذمة.

٢٥- لا خلاف بين الفقهاء في اشتراط كون المسلم فيه دينا موصوفا في ذمة المسلم إليه، وأنه لا يصح السلم إذا جعل المسلم فيه شيئا معينا بذاته. (١) لأن ذلك مناقض للغرض المقصود منه، إذ هو موضوع لبيع شيء في الذمة بثمن معجل، ومقتضاه ثبوت المسلم فيه دينا في ذمة المسلم إليه، ومحله ذمة المسلم إليه. فإذا كان المسلم فيه معينا تعلق حق رب السلم بذاته، وكان محل الالتزام ذلك الشيء المعين، لا ذمة المسلم إليه. ومن هنا كان تعيين المسلم فيه مخالفا لمقتضى العقد.

يضاف إلى ذلك أن تعيينه يجعل السلم من عقود الغرر، إذ ينشأ عنه غرر عدم القدرة على تنفيذ العقد، فلا يدرى، أيتم هذا العقد أم ينفسخ، حيث إن من المحتمل أن يهلك ذلك الشيء المعين قبل حلول وقت أدائه، فيستحيل تنفيذه، والغرر مفسد لعقود المعاوضات المالية كما هو معلوم ومقرر.

وهذا بخلاف ما لو كان المسلم فيه دينا موصوفا في الذمة، إذ الوفاء يكون بأداء أية عين مثلية تتحقق فيها الأوصاف المتفق عليها، ولا يتعذر تنفيذ العقد لو تلف المسلم فيه قبل تسليمه، إذ يسعه الانتقال عنه إلى غيره من أمثاله. (٢)


(١) ابن حزم، المحلى، مرجع سابق ٩/١٠٥؛ الرملي، نهاية المحتاج، مرجع سابق ٤/١٨٣؛ ابن الهمام، فتح القدير، مرجع سابق ٦/٢١٩؛ ابن جزي، القوانين الفقهية، مرجع سابق ص ٢٧٤.
(٢) البهوتي، كشاف القناع، مرجع سابق ٣/٢٩٢؛ الأنصاري، أسنى المطالب، مرجع سابق ٢/١٢٤، ١٣٠؛ مواهب الجليل، مرجع سابق ٤/٥٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>