للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية

بيع دين السلم قبل قبضه

٤٢-وبناء على كون دين السلم غير مستقر فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يصح بيع المسلم فيه لمن هو في ذمته، أي استبداله قبل قبضه بأن يأخذ رب السلم مكانه من غير جنسه (وهو ما يعبر عنه الفقهاء بالاعتياض عن المسلم فيه أو استبداله) كما أنه لا يصح بيعه مِنْ غير مَنْ هو في ذمته؛ لأنه لا يؤمن من فسخ العقد بسبب انقطاع المسلم فيه، فكان كالمبيع قبل القبض. ولقوله (صلى الله عليه وسلم) : ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) . (١)

قالوا: وهذا يقتضي إلا يبيع رب السلم دين السلم لا من صاحبه ولا من غيره. (٢)

٤٣-وخالفهم في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، حيث أجاز بيع المسلم فيه قبل قبضه من غير مَنْ عليه الدين، وهذا القول رواية عن أحمد ووجه عند الشافعية. (٣)

جاء في (الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية) : (ويجوز بيع الدين في الذمة من الغريم وغيره، ولا فرق بين دين السلم وغيره، وهو رواية عن أحمد) . (٤)


(١) أخرجه أبو داود وابن ماجه والبيهقي والدارقطني عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. (ابن حجر العسقلاني، الدراية في تخريج أحاديث الهداية، مرجع سابق ٢/١٦٠
(٢) النووي، المجموع شرح المهذب،٩/٢٧٣ مط. التضامن الأخوي بمصر سنة ١٣٤٧هـ؛ الكاساني، البدائع، مرجع سابق ٥/٢١٤؛ البهوتي، كشاف القناع، مرجع سابق ٣/٢٩٣؛ شرح المنتهى، مرجع سابق ٢/٢٢٢؛ الشافعي، الأم، مرجع سابق ٣/١٣٣؛ ابن عابدين، رد المحتار، مرجع سابق ٤/٢٠٩،١٦٦؛ الزيلعي، تبيين الحقائق، مرجع سابق ٤/١١٨؛ الشيرازي، المهذب، مرجع سابق ١/٢٧٠؛ ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣٣٤.
(٣) ابن تيمية، مجموع الفتاوى، مرجع سابق ٢٩/٥٠٦؛ ابن مفلح، المبدع شرح المقنع، ٤/١٩٩ ط. المكتب الإسلامي بدمشق سنة ١٤٠٠هـ؛ الزركشي، المنثور في القواعد، مرجع سابق ٢/١٦١.
(٤) البعلي، الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية. ص١٣١ مط. أنصار السنة المحمدية بمصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>