للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- مسالة ضمان الودائع:

ليس هناك اختلاف في أن الودائع المصرفية الحسابية لأغراض الإقراض أنها مضمونة طالما أن القرض أساسا مضمون في ذمة المقترض. ويلحق بذلك الحفظ بالأمانة إذا لم تبق النقود على حالها.

ويلاحظ من تمييز آراء الفقهاء أن مدار الكلام في عقد الوديعة وأنه من عقود الأمانة مبني على مفهوم حفظ الشيء بذاتيه بحيث أنه لو هلكت الوديعة دون تعد ولا تقصير فإنها تهلك على مالكها.

ولكن الحال يختلف عندما تذوب الوديعة وتصبح التزاما في الذمة نتيجة الإذن بالاستعمال والتصرف.

أما نقطة الخلاف الكبرى فإنها تدور حول ضمان المصرف للودائع الاستثمارية.

فقد نظر الأكثر من أهل البحث الفقهي المعاصر إلى أن الوديعة الحسابية المصرفية هي رأس مال مضاربة وأن المصرف عامل في هذا المال وأنه ليس على العامل ضمان.

وذهب الرأي المقابل إلى أن ما ينطبق على المضاربة الخاصة التي بحثها الفقه الإسلامي قديما لا يشمل المضاربة المشتركة التي هي عقد جديد تشبه حالة الأجير المشترك.

وكما أن الأجير المشترك له أحكام تتعلق بعمله ومسؤوليته في الضمان بصورة مختلفة عن أحكام الأجير الفرد وذلك حسبما قرر الفقهاء منذ القديم ولا سيما بالنسبة للقول بضمان الأجير المشترك ووجه المصلحة فيما اتفقوا عليه، كذلك فإن رعاية أموال الناس ومصالحهم تتطلب النظر في تضمين المضارب المشترك وذلك على أساس أننا أمام تعاقد جديد بظروف وشروط تختلف عن ظروف وشروط المضاربة الفردية وذلك من النواحي التالية:

١- أن رب المال في المضاربة الفردية يختار العامل ويحدد له نوع النشاط ويضع الشروط التي يراها ملائمة لحفظ ماله من الضياع، بينما لا يملك رب المال في المضاربة المشتركة سوى اختيار المصرف الإسلامي الذي يتعامل معه، أما الشروط فلا تتحملها طبيعة المضاربة المشتركة وكذلك أشخاص العاملين في المال حيث يختار المصرف موظفيه وفق قواعده الخاصة بالتوظيف.

وكان مقتضى توازن العقود أن يكون في مقابل الحرمان من حق الاشتراط نوع من الضمان عن الخطأ المفترض في أعمال الموظفين الذين تقع رقابتهم على عاتق المصرف الذي يريد أموال المضاربة المشتركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>