٢- أن عمل المضاربة المشتركة ذو طبيعة مستمرة لا تتوقف وذلك لأن العمليات التي يقوم بها المصرف متتابعة ومتداخلة وليس ممكنا الحكم بتاريخ معين على حدوث خسارة محددة إلا إذا صفيت جميع عمليات المصرف، وهذا يعني تصفية المصرف نفسه حيث يحتمل أن تكون عمليات رابحة لو صفيت لكانت أرباحها أكبر من الخسارة الظاهرة.
ولما كانت هذه التصفية متعذرة فإن الحل الوحيد للسماح بسحب الودائع الحسابية الاستثمارية ودخول مودعين جدد هو تقرير مبدأ سحب رأس المال وذلك نحو ما تفعل المصارف الإسلامية دون أن تصرح بالضمان.
وقد حدث في أحد المصارف الإسلامية التي لا تأخذ بأصل مبدأ الضمان خسارة كبيرة حيث لم تجد هيئة الرقابة الشرعية مناصا من تضمين المصرف للخسارة الواقعة على أساس الخطأ المفترض.
بينما استحدث في البنك الإسلامي الأردني منذ تأسيسه صندوق خاص لتغطية مخاطر الاستثمار حيث تقتطع نسبة ١٠ % سنويا من الأرباح لحساب هذا الصندوق أخذ بوجهة النظر المالكية وذلك بالنسبة لجواز تخصيص جزء من ربح المضاربة لجهة ثالثة غير العامل ورب المال. (انظر المادة ٢١ من قانون البنك الإسلامي الأردني رقم ١٣ لسنة ١٩٧٨ والقانون المعدل لسنة ١٩٨١م) .
٣- الأساس الفقهي الذي فرقت فيه بعض الآراء بين عمل العامل في مال القراض بنفسه وبين عمله عن طريق دفعه إلى من يعمل فيه.
فقد عرض الفقيه المالكي ابن رشد الحفيد لهذه المسألة عند البحث في طوارئ المضاربة بأنه لم يختلف المشاهير من فقهاء الأمصار أنه (إن دفع العامل رأس مال القراض إلى مقارض آخر أنه ضامن إن كان خسر وإن كان ربح فذلك على شرطه ثم يكون للذي عمل شرطه على الذي دفع إليه فيوفيه حقه مما بقي من المال) . (١)
والمضاربة تشبه الإجارة من حيث إنها استحقاق الربح بالعمل أو بالضمان، وكما أن الأجير الوسيط يستحق الربح ولو لم يعمل في حالة دفع العمل لغيره ولا سبب لذلك إلا الضمان. كذلك فإن المضارب الوسيط حيث لم يقدم عملا ولا مالا إنما يستحق الربح بسبب الضمان. لذلك لم يتردد الفقيه الكاساني في ضرب المثل مأخوذا من واقع ربح المضاربة بمثال من الإجارة.