للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد عرض الكاساني لمسألة ربح المضارب الأول عندما يدفع المال إلى المضارب الثاني حيث قال بأن المضارب الأول يستحق الربح (السدس مثلا) بعد أن يعطي المضارب الثاني نصيبه وهو الثلث، ويعطي لرب المال نصيبه وهو النصف، حيث يعلل ذلك بقوله: (لأن عمل المضارب الثاني وقع له فكأنه عمل بنفسه كما لو استأجر إنسانا على خياطة ثوب بدرهم فاستأجر الأجير من خاطه بنصف درهم طاب له الفضل؛ لأن عمل أجيره وقع له فكأنه عمل بنفسه) . (١)

والواقع أن سبب استحقاق الأجير الوسيط للربح هو ضمان بدليل أنه لو تلف الثوب بفعل الأجير الأخير فإن المسؤل هو الأجير الوسيط.

كما يستشف من استقراء الآراء في شرح مختصر خليل في شرح عبارة المختصر (ككل آخذ مال للتنمية) أن هناك فرقا في التعدي باستثمار المال بين الوكيل والمضارب. فقد جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل (٦ /٢١٤) في معرض شرحه لعبارة المختصر قوله: (والمعنى أن كل من أخذ مالا لينميه لربه فتعدى في ذلك المال كالوكيل على بيع شيء والمبضع معه واتجر فحصل به ربح أو تلف فيكون عليه وإن حصل ربح فهو لرب المال وحده نظرا لما دخلا عليه ابتداء بخلاف عامل القراض إذا شارك في المال أو باع بدين أو نحو ذلك بغير إذن ربه فخسارته عليه وحده, والربح له ولرب المال على ما دخلا عليه ابتداء. وكل من أخذ مالا لا على سبيل التنمية كالمودع والغاصب والوصي إذا حركوا إلى أن نما بالتعدي فإن الربح لهم بتعديهم والخسارة عليهم) (٢)

وهذا يدل أن هناك فرقا في نتيجة التعدي بين الوكيل والمضارب, فإن قال قائل: إن الشرط هنا مرتبط بعدم الإذن قلنا: إن الإذن في المضاربة المشتركة كالعدم لأن المضارب لا يملك أصلا حق المنع والإعطاء, فالمصرف الإسلامي يقارض من يرى ويشارك من يرى دون أن يطلب إذنا وأنه إذا أعطي الإذن فلا معنى له لأنه إذن بما هو غير محدود.


(١) الكساني، مرجع سابق، ٧/٣٥٤٥.
(٢) الخرشي, شرح مختص خليل,٦\٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>