ثالثا: إن اختيار البنوك إضفاء صفة القرض لا يعني بالضرورة أو بطريقة تلقائية موافقة العميل على نفس هذا الاختيار أو ما قد يشتمل عليه من شروط مختلفة. وبمعنى آخر فإن الباحث يدعي بأن توقيع العميل (المودع) على عقد الإيداع في الحساب الجاري بهذا الشكل قد لا يكون معبرا عن إرادة تعاقدية حقيقية أو رغبة مؤكدة منه لتحمل الآثار الناتجة عن هذا التعاقد.
ويستند الباحث في هذا الاستنتاج على عدد من الأسباب التي تعبر في رأيه عن عيوب مباشرة في الإرادة التعاقدية نتيجة لاهتزاز عنصري الرضا والاختيار عند مباشرة العقد. وهذه الأسباب كالآتي:
أ-عدم فهم كثير من العملاء للعبارات والألفاظ الفقهية الواردة في العقد:
فكثير من البنوك الإسلامية تورد في عقد فتح الحساب شرطا على العميل مثل:(الحساب الجاري هو قرض تحت الطلب لا يستحق المتعامل مع المصرف بمقتضاه أية أرباح كما لا يتحمل أية خسارة، ويلتزم المصرف بناء على ذلك بدفع الرصيد كاملا عمد طلبه من المتعامل) .
أو
(للبنك في أي وقت من الأوقات الحق في استخدام رصيد الحساب الجاري، ولا يحق للعميل المطالبة بأي عائد عليه وفي مقابل ذلك يضمن البنك سداد هذا الرصيد للعميل عند أي مطالبة به)
وبطبيعة الحال فإن كلا الشرطين يؤديان إلى نفس النتيجة. وهي اعتبار الحساب الجاري كقرض من العميل إلى البنك كما سبقت الإشارة إليه في بداية هذا البحث. إلا أن العميل بسبب عدم فهمه لما يتضمنه كل من هذين الشرطين من معاني شرعية فإنه قد يفهم ما يوحي إليه بأحد المعنيين التاليين أو بكلاهما معا: