للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخدام الحساب كرهن أو ضمان

ومما يتعلق بهذا النوع من الودائع مسألة استخدام العميل أمواله المودعة في حساب جار كرهن، واستخدامها كضمان. أما عن استخدام الحساب الجاري كرهن: فمعلوم أن الرهن يشترط فيه القبض لقوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة:٢٨٣] فلا يتصور أن يشتري الإنسان شيئا من آخر بثمن آجل ويرهن عنده نقودا. ولكن يتصور هذا إذا اعتبرنا المصرف الذي فيه الحساب هو العدل، أي الطرف الثالث الذي يرتضيه المتعاقدان ليكون الرهن بيده.

فإذا اعتبرنا الحساب قرضا في ذمة المصرف فهل يكون هذا الدين رهنا أو ضمانا لما جرى بين العاقدين.

ذهب المالكية إلى جواز أن يكون المرهون دينا. (١) وذهب جمهور الفقهاء إلى أن المرهون ينبغي أن يكون مالا متقوما يجوز بيعه ولا يصح رهن مالا يصلح بيعه لأن المقصود من الرهن الاستيثاق للدين باستيفائه من ثمن المرهون عند تعذر استيفائه من الراهن. (٢)

وعلى كل حال: فما دام صاحب الحساب الجاري مخيرا بالسحب من حسابه متى شاء فإنه مليء يشتري بالنقد لا بالدين فلا ترد قضية الرهن والضمان في حقه، ولكن من حق صاحب الحساب أن يضمن غيره في حدود حسابه الجاري.

المقاصة من الحساب:

وهناك مسألة تجميد الحساب الجاري وحق المقاصة منه، فإذا كان على صاحب الحساب الجاري حق مقر به، للمصرف أو لغيره أو كان مماطلا وعلى بينة؛ فإنه لا يجوز الأخذ من حسابه مقاصة إلا ما يبذله هو ويعطيه. أو يصدر بالتجميد أو المقاصة حكم قضائي.

وأما إذا كان جاحدا للحق ظالما لصاحبه ولا قدرة لصاحب الحق على حمله على الإقرار فذهب الشافعية وجمهور المالكية إلى جواز الأخذ بقدر الحق من الوديعة مطلقا أي سواء كانت الوديعة من جنس الحق أو من غيره. على أن يحترس الأخذ من أن يصيبه ضرر بسبب الأخذ. يقول الدردير: (والمذهب أن له (أي المودع) الأخذ منها بقدر حقه إن أمن العقوبة والرذيلة وربها ملد أو منكر أو ظالم) (٣)


(١) انظر الدردير على خليل: ٣/٢٣١؛ والخرشي: ٥/٢٣٦؛ والقوانين: ٢٧٧.
(٢) انظر العدة على العمدة: ٢٤٦؛ وتحفة الفقهاء: ٣/٥٥؛ والهروي على الكنز: ٢٩٣؛ والمغني ٤/٣١٠.
(٣) انظر المهذب:٢/٣١٧؛ والدردير على خليل: ٣/٤٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>