للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشهد لهذا المذهب قول الله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة:١٩٤] ويشهد لهذا المذهب من السنة أيضا ما ورد من قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لهند بنت عتبة: ((خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف.)) في الحديث الصحيح. (١)

واستند الشافعية إلى هذا الحديث فأجازوا الأخذ وإن كان يقدر على الأخذ بالقضاء لأن عليه في المحاكمة مشقة. (٢)

ونقل عن الإمام مالك رحمه الله القول بعدم جواز الأخذ من الوديعة مقاصة مطلقا. (٣)

لعموم أدلة وجوب رد الأمانة إلى أهلها، والوديعة أمانة عند المودع. وذهب بعضهم إلى جواز الأخذ مقاصة بقدر الحق إن كانت من جنسه. فإن اختلفا جنسا لا يجوز لأن أخذ غير الجنس من باب المعاوضة وهي لا تجوز إلا برضاء الطرفين. وهو غير موجود فيها. (٤)

وأجاز الشافعية الأخذ من غير الجنس ولكن لا يتملكه بل يبيعه ويصرف ثمنه في حقه. (٥)

ولا يخفى رجحان ما ذهب إليه الشافعية من جواز المقاصة وأخذ الحق ممن وجب عليه إذا كان ممتنعا وإن كان يقدر صاحبه على أخذه بالقضاء بأن تكون له بينة. لقوة سنده ولأن فيه دفعا لمشقة اللجوء إلى المحاكم. وردعا عن المماطلة في الوفاء بالحقوق ودفعا للظلم والعدوان. وهذا هو ما يمكن أن يكون سندا شرعيا للمصرف وهو بصدد تجميد الحساب الجاري وحجزه على أموال العميل المودعة في حساب جار تصفية لحقوق عليه ناشئة من عمليات أخرى.


(١) انظر نيل الأوطار.
(٢) انظر المهذب: ٢/٣١٧.
(٣) انظر المدونة: ١٥/١٦٠؛ والدردير: ٣/٤٣١
(٤) انظر نيل الأوطار: ٦/٤٠؛ والودائع المصرفية للدكتور حسن عبد الله الأمين: ١٥٨-١٦٢
(٥) انظر المهذب: ٢/٣١٧-٣١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>