للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠- إدراج حسابات الاستثمار:

إذا تقدم صاحب المال إلى المصرف ليودع ماله في حساب استثماري فإن هذا المال يدرج في المطلوبات قبل مباشرة المصرف في استثماره في أحد المشاريع التجارية. ويترتب على هذا أنه يمكن سحب هذا المال كله أو بعضه لأن هذا المال قبل مباشرة العمل يعد أمانة في يد المصرف. أما بعد مباشرة العمل فإنه يكون حصة في المشاركة فينتقل بهذا إلى موجودات المصرف ويمكن أن نلحظ في عبارة الكاساني ما يعين على هذا التكييف حيث يقول: (إن رأس المال قبل أن يشتري المضارب به شيئًا أمانة في يده بمنزلة الوديعة لأنه قبضه بإذن المالك لا على وجه البدل والوثيقة, فإذا اشترى به شيئًا صار بمنزلة الوكيل بالشراء والبيع لأنه تصرف في مال الغير بأمره.. فإذا ظهر في المال ربح صار شريكًا فيه بقدر حصته من الربح) (١) .

وهذا ينطبق على الحساب الجاري فهو مندرج تحت مطلوبات المصرف وليس هناك مانع شرعي من تحويل هذا الحساب إلى حساب استثماري في حالة رغبة أصحابه ويترتب على هذا أن يتحول الحساب إلى موجودات للمصرف تمثل رأس مال المشروع. ولا يحتاج المصرف إلى عملية إعادة الوديعة إلى المودع ثم إيداعها مرة ثانية في الحساب الاستثماري لأنها تتحول وهي في مكانها, ويؤيد هذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من جواز جعل الوديعة رأس مال في المضاربة , وفي هذا يقول الكاساني: (ولو أضاف المضاربة إلى عين هي أمانة في يد المضارب من الدراهم والدنانير بأن قال للمودع: اعمل بما في يدك مضاربة بالنصف جاز ذلك بلا خلاف) . (٢) .

١١- سحب جزء من حساب استثماري قبل نهاية مدته

يمتاز الحساب الاستثماري في المصارف بثبات واستقرار يتمثل في الاتفاق على أن لا يسحب منه قبل مضي مدة متفق عليها بالأشهر أو بالسنة.

غير أن ظروفًا قد تطرأ للمودع تحمله أن يسحب جزءًا من هذا الحساب وأن المصرف حفاظًا على سمعته لا يريد أن يمنع هذا السحب بعد أن دخل الحساب في المشاركة والمضاربة؛ خاصة وأن المصارف عادة تستثمر الجزء الأكبر من الحساب وتبقي جزءا منه على شكل نقد لمواجهة ما قد يطرأ فيدعو إلى السحب منها (٣) . لذلك فإنها تستجيب إلى مثل هذا الطلب.

ثم يرد السؤال عن استحقاق هذا المال المسحوب ربحًا أو تحمله خسارة عن الفترة التي بقي المبلغ في حوزة المصرف. وهنا لا بد أن نفرق بين حالين: حال ما إذا كان هناك ربح ظاهر قبل السحب. وحال ما إذا لم يكن.

فإن كان هناك ربح ظاهر فإن المال المسحوب يستحق حصته من الربح في وقت سحبه, كما يتحمل نصيبه من الخسارة إن كانت هناك خسارة لأن الغنم بالغرم.

وإن لم يكن هناك ربح فإن المبلغ الذي يتم استرداده, لا يستحق شيئًا من الربح الذي يتم توزيعه في الأجل المضروب للتوزيع لأن الربح المعلن في هذا الأجل لا يتقرر إلا للمبلغ الذي يكون باقيًا لدى المضارب من بداية المضاربة إلى نهاية الأجل المتفق عليه أو المتعارف على إجراء الحساب فيه.


(١) انظر البدائع: ٦/٨٧
(٢) البدائع. ٦/٨٣
(٣) تقييم تجربة البنوك الإسلامية٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>