ويعلق مؤلف مستند تحرير الوسيلة (والظاهر أنه تقرير لدرس الإمام نفسه) على هذه العبارة بقوله:
(وذلك لأن وضع النقود في البنك على ما هو المتداول في الخارج، مقارن مع الرضا بالتصرف فيه بأنحاء التصرفات حتى التصرفات الناقلة، وهذه التصرفات الناقلة التي تصدر عن البنك لا تكون بعنوان المبادلة على أموال صاحب هذه النقود، ولو كان كذلك كان لازمه أن ربح التجارات يعود إلى صاحب هذه النقود؛ لأن العوض يدخل في ملك من خرج منه المعوض مع أن صاحب البنك يأخذ الأرباح لنفسه فلا يكون ذلك صحيحا شرعا إلا مع التمليك بالضمان، لكن إذا تصرف البنك فيه بالتصرفات الناقلة يخرج عن كونه أمانة ووديعة، ويصير قرضا واقعا، فتسمية ذلك بالوديعة إما لأنه يكون في بداية الأمر كذلك، وإما لأن التسليم إلى البنك ليس لمصلحة المستقرض وهو البنك فقط بل يكون لمصلحة المقرض المودع –أيضا- لأن البنك يحافظ بهذا الإيداع على المال من السرقة والتلف، ولأجل هذه الجهة يسمى إيداعا وأن يكون قرضا غالبا أو دائما واقعا)(١)
أما السيد الشهيد الصدر (رحمه الله) فيقول:
(فليست المبالغ التي توضع في البنوك الربوية ودائع لا تامة –كما يقال في الحساب الجاري – ولا ناقصة - كما يقال في الودائع الثابتة- وإنما هي قروض مستحقة الوفاء دائما أو لأجل محدد؛ لأن ملكية العميل تزول نهائيا عن المبلغ الذي وضعه لدى البنك، ويصبح للبنك السلطة على التصرف فيه ... وهذا ما لا يتفق مع طبيعة الوديعة، وإنما أطلق اسم الودائع على تلك المبالغ التي تتقاضاها البنوك؛ لأنها تاريخيا بدأت بشكل ودائع وتطورت خلال تجارب البنوك واتساع أعمالها إلى قروض فظلت تحتفظ من الناحية اللفظية باسم الودائع، وإن فقدت المضمون الفقهي لهذا المصطلح. وموقف البنك اللاربوي من الودائع التي تتقاضاها البنوك الربوية يقوم على أساس التمييز بين الودائع المتحركة، والودائع الثابتة –كما سبق- فالودائع المتحركة يقبلها بوصفها قروضا دون أن يدفع فيها فائدة والودائع الثابتة يقبلها كودائع بالمعنى الفقهي للكلمة، ولكنها ليست مجرد ودائع مسلمة إلى البنك لاستنابته في حفظها فحسب. بل هناك إلى جانب الإيداع توكيل من المودع للبنك في التصرف بالمال بإجراء عقد المضاربة عليه) .
(١) مستند تحرير الوسيلة ص ١١٦قسم المسائل المستحدثة.