هذا بالنسبة للبنوك التقليدية الموجودة في البلاد المسلمة. أما البنوك التي يملكها غير المسلمين في البلاد غير المسلمة فقد ذهب العلماء المعاصرين إلى جواز الإيداع فيها والانتفاع بالفوائد الحاصلة منها على أساس قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله من أنه يجوز أخذ مال الحربي برضاه وأنه لا ربا بين المسلم والحربي.
وإن هذا القول لم يقبله جمهور الفقهاء حتى إنه لم يفت به الفقهاء المتأخرون منهم الحنفية. وبما أن حرمة الربا منصوص عليها بنص قطعي يؤذن بحرب من الله ورسوله لمن لا يتركه، فلا ينبغي في عموم الأحوال أن يدخل المسلم في معاملة الربا، وإن كانت مع الحربيين.
ولكن هناك نقطة جديرة بالتأمل. وهي أن البلاد الغربية قد سيطرت اليوم على عامة بلاد المسلمين، وإن من أهم عوامل غلبتهم ما غصبوا من الأموال الجمة من بلاد المسلمين، أو أخذوها عن طريق الربا على القروض التي استقرضها منهم تلك البلاد. وفي جانب آخر، إن هذه البلاد تحوز كميات هائلة من أموال المسلمين التي أودعها المسلمين في بنوكهم، ينتفعون بها لصالحهم، بل يستخدمونها لإنجاز خططهم السياسية والحربية ضد المسلمين، فلو ترك المسلمون فوائد أموالهم في تلك البنوك، فإن ذلك تقوية لهم. وإن هذه الظروف قد تجعلني أميل إلى القول بأن المسلمين يجوز لهم أن يأخذوا فوائد ودائعهم، ولكن لا ينبغي أن يصرفوا مبالغ الفائدة في حاجاتهم، بل ينبغي أن يصرفوها في وجوه البر، فإن ذلك يقلل من الأضرار التي يعانيها المسلمون بإيداع أموالهم عندهم. والمسألة مطروحة لدى العلماء للبت فيها.