الأمر الثالث: فيما يتعلق بتكييف هذه الحسابات الجارية لدى البنوك الإسلامية. هي في الواقع قرض، ولا يشترط أن يكون القرض من قوي إلى ضعيف، ولا يشترط أن يكون القرض مرادا به التبرع، بل القرض سواء كان من قوي أو من ضعيف أو أريد به التبرع أو لم يرد به التبرع، والزبير بن العوام –وأنتم تعرفون ذلك- كان يتلقى الودائع ويشترط على أصحابها أنها سلف –يعني قرضا- ولم يكن في حاجة إلى قرض بل هو محسن إلى أن يتلقى وديعته، ومع هذا اعتبره قرضا ولم يعترض على ذلك أحد من أهل العلم.
الأمر الرابع: ما يتعلق بالقول برهن الحساب الجاري أو احتجازه ومحاولة أن يربط من حيث الترادف بين الرهن والحجز. وهذا في الواقع يحتاج إلى نظر. الرهن لا يكون إلا بإرادة الراهن نفسه، فحينما يتولى البنك الحجز على هذا الحساب لا نعتبره رهنا وإنما نعتبره حجزا. فينبغي أن نفرق بين الرهن والحجز لأن الرهن لا يكون إلا إرادة من الراهن نفسه والراهن لم يرد ذلك فإذن لا يجوز أن تعتبره رهنا وإنما هو من قبيل الحجز. فلا بد من التفريق بينهما.
الأمر الخامس: القول بجواز السحب من رأس مال شركة المضاربة قبل التصفية ... قول كذلك فيه نظر، لماذا؟ لأنه حينما يسحب فهو يسحب شيئا من وديعته على اعتبار عدم إرجاعه، وهذا المال قبل تصفيته وهو مهيأ للمضاربة، هذا المال في الواقع عرضة لا يزال إلى الآن متأرجح بين الربح والخسارة، فلا ينبغي أن يسحب منه شيء إلا بعد التصفية أو التنضيض الحكمي الذي هو حكم التصفية. نعم لو حصل تراض بين المضارب ورب المال على أن يدفع له شيئا فهذا يكون على الحساب بعد المحاسبة لأنه سيرجع عليه، فيمكن أن يرجع عليه بربح أو يرجع عليه بخسارة أو نحو ذلك.
الأمر السادس: التنضيض. هو في الواقع في معنى التصفية وقد كفاني الدكتور منذر –جزاه الله خيرا- الحديث عن ذلك بما فيه الكفاية فلا أحب أن أعيده.
الأمر السابع: أثني على استغراب الدكتور سامي حمود التفريق بين التصرف بين البنوك المركزية وبين البنوك الإسلامية في حال التصرف بالحساب الجاري، فيقول: لا يجوز للمصرف الإسلامي أن يتصرف في هذه الوديعة ويجوز للبنك المركزي. سبحان الله العظيم!! هذا شيء غريب، طالما أنه حساب جار وفي ذمة المصرف نفسه فهو يتصرف فيه، والمال هذا غير متعين وإنما المتعين مقداره في ذمة هذا المصرف.