للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة تجميد الحسابات وهي أن يجمد البنك أموال صاحب الحساب. قد ذكرت أن هذا الموضوع يتعلق بالمسألة المعروفة في الفقه الإسلامي وهي مسألة (الظفر) ، يعني إذا ظفر الدائن بمال المديون هل يجوز له أن يأخذ ذلك المال بدون رضا من ذلك المديون؟ وهذه المسألة مسألة (الظفر) معروفة وفيها آراء مختلفة للفقهاء، ولكن معظم الفقهاء ذهبوا إلى جواز أخذ مال المديون إن ظفر به الدائن حتى الحنفية الذين كانوا في أول الأمر يقولون: إنه إنما يجوز إذا كان المال المظفور به من جنس المال المستحق أما إذا كان من غير الجنس المستحق فلا يجوز أن يأخذه الظافر. ولكن المتأخرين من الحنفية أفتوا في هذا –في مذهب الإمام الشافعي، رحمه الله تعالى- وقالوا بأنه يجوز له أن يأخذ هذه الأموال سواء أكان المظفور من جنس المستحق أو من غيره. على هذا الأساس يمكن أن نقول: إنه يجوز للبنك أن يجمد حساب أحد عملائه لمماطلته في الأداء، وإن كان هناك بعض الفقهاء قد يختلفون في ذلك ولا يعطون للظافر حق هذا الأخذ فإن للخروج من الخلاف يمكن أن يضاف إلى اتفاقية بين العميل والمصرف بند يتفق فيه الطرفان بأنه كلما تأخر العميل في الأداء فإنه يجوز للبنك أن يوفي ديونه من المال الموجود عنده في حسابه الجاري. وهذا هو المخلص من هذه المشكلة. المسألة ذات الأهمية الكبرى في موضوع الودائع المصرفية هي طرق المحاسبة. وطرق المحاسبة أعني منه مسألتين مستقلتين.

المسألة الأولى: هي هل تدرج الودائع المصرفية في بنك إسلامي في الموجودات أو في المطلوبات؟ فإذا أخذنا كلمة الموجودات والمطلوبات بمعناها الدقيق فإنه ينبغي أن يكون الحساب الجاري في المصارف الإسلامية يدرج في المطلوبات، وأما الأموال المودعة في محفظة الاستثمار فينبغي ألا تدرج في المطلوبات؛ لأن المطلوبات بمعناها الدقيق هي الأموال التي يتيقن البنك أنه يحصل عليها في المستقبل، أما حساب الاستثمار في البنوك الإسلامية فإنه لا يضمن البنك للمستثمر أن يعطيه ربحا في كل من الأحوال، ولذلك لا ينبغي أن يدرج في المطلوبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>