مسألة ما أشار إليه الدكتور منذر في القضية أنه لا بد أن تقسم الحسابات الجارية إلى نوعين. هذا طبعا إذا نحن كيفنا الحسابات الجارية إلى القرض، لا بد أننا نحافظ على مثل ما أشار إليه الشيخ ابن بيه على سنن العقد أو –كما أسميه- ميزان العقد، فالقرض له ميزانه الخاص، وحسابات التوفير أو الاستثمار لها ميزانها الخاص، فلذلك تبقى الحسابات الجارية ولكن الآن في كثير من البنوك الإسلامية توجد حسابات توفير يكون للإنسان الحق في السحب في أي وقت ولكن تكون نسبة الأرباح قليلة، فالأفضل بدلا من أن نقسم الحسابات الجارية وهي مكيفة على أساس القرض فالأفضل أننا نتجه إلى الجانب الثاني وهو حسابات توفير ميسورة وتكون نسبة الأرباح للبنك أو للشخص قليلة في مقابل هذه السهولة في عملية السحب.
بعض الباحثين اعتبروا يد المصرف على الحساب الجاري يد أمانة، ثم بالتعدي والتصرف أصبحت يده يد ضمان. هذا التكييف –في اعتقادي- ليس تكييفا صحيحا ما دمنا اعتبرنا أن الحساب الجاري هو بمثابة القرض، وكما قلت: إن الحساب الجاري ليس شيئا مجهولا، هو ورقة مكتوبة ومعروفة، فإذا لم يقرأها فهو كأنه علم بهذه الشروط والضوابط التي تضعها البنوك الإسلامية بخصوص الحساب الجاري. ومن هنا فبمجرد ما أودعت المبالغ في الحساب الجاري كأنك أقرضت وأصبح البنك ضامنا لهذا المبلغ وفي مقابل هذا الضمان يتصرف البنك حيث ما يشاء من باب قاعدة (الغرم بالغنم) وكذلك (الخراج بالضمان) . وهذا إذا اعتبرنا هذه المسألة وهذا التكييف الذي ذكره أكثر من باحث تكييفا مخالفا لما يسير عليه الجمهور من أن الحساب الجاري قرض مضمون أساسا.
مسألة الودائع. بعض الباحثين –حسبما قرأت في البحوث- قالوا بعدم التصرف فيها أبدا باعتبار أن الودائع لا بد أن تبقى، بينما الفقهاء –رحمهم الله- فرقوا بين ما هو دين وما هو عين، فقالوا: ما هو عين من الودائع لا يجوز التصرف فيها؛ لأنها تتعلق ... يعني لا بد أن يحافظوا على العين لكن الدين يدخل في الذمة. والدين ولا سيما فقهاء الحنفية، والدين طبعا هو النقود تعتبر دينا، فإذا كانت هذه النقود دينا فبمجرد ما تسلم الإنسان وأودعها أو تركها في بيته فتعتبر هذه المبالغ دينا وتدخل في ذمة الإنسان. مع – طبعا - قضية الضمان وعدم الضمان تلاحظ فيها.