أن الاستثمار للأموال بوجهها العام واجب كفائي فيجب على الأمة أن تقوم بعمليات الاستثمار حتى تكون وفرة الأموال وتشتغل الأيادي ويتحقق حد الكفاية للجميع إن لم يتحقق الغنى، ومن القواعد الفقهية في هذا المجال هو أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ويثور التساؤل حول وجوب الاستثمار على الفرد إذا كان له فائض مالي، فالذي يقتضيه المنهج الإسلامي في أن المال مال الله تعالى وأن ملكية الإنسان له ليست مطلقة عن قيد ... إنه يجب عليه أن يستثمر أمواله بالطرق المشروعة سواء كان بنفسه، أو عن طريق المضاربة والمشاركة ونحوهما، وأنه لا ينبغي له أن يترك أمواله الصالحة للاستثمار فيعطلها عن أداء دورها في التدوير وزيادة دورانها الاقتصادي الذي يعود بالنفع العام على المجتمع.
كما أن قوة المجتمع والأمة بقوة أفرادهما ولا سيما على ضوء منهج الاقتصاد الإسلامي الذي يعترف بالملكية الفردية، وأن ملكية الدولة محدودة، ومن هنا فتقع على الأفراد مسؤولية كبرى في زيادة الأموال وتقويتها عن طريق الاستثمار، يقول الشيخ محمود شلتوت:"إذا كان من قضايا العقل والدين أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وكانت عزة الجماعة الإسلامية أول ما يوجبه الإسلام على أهله، وكانت متوقفة على العمد الثلاثة: الزراعة والصناعة والتجارة، كانت هذه العمد واجبة وكان تنسيقها على الوجه الذي يحقق خير الأمة واجباً ... "(١)
المعالم الأساسية لمنهج الإسلام في الاستثمار
لا يمكن الخوض في تفاصيل هذا الموضوع في هذا البحث وإنما نكتفي بذكر أهم معالمه بصورة موجزة وهي:
أولاً: أن منهج الاستثمار في الإسلام لا ينفصل عنه العقيدة والفكر الإسلامي، وكما أن الفكر الرأسمالي يسير عجلة الاستثمار في النظام الرأسمالي، والفكر الشيوعي كان يسير عملية الاستثمار في الاتحاد السوفيتي السابق والدول الاشتراكية نحو إطاره الفلسفي وأهدافه من خلال وسائله الخاصة....
(١) نقلاً عن د. رفعت العوضي: منهج الادخار والاستثمار، ص ٧٣ ط. الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.