للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إن مسألتنا هذه لها أصل مقرر في السنة المشرفة حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز شراء عبد وله مال –حتى وإن كان نقداً- فيكون ماله تبعاً للمشتري إذا اشترط ذلك دون النظر إلى قواعد الصرف فقد روى البخاري ومسلم، وغيرهما بسندهم عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ومن ابتاع عبداً وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع)) (١) قال الحافظ ابن حجر: "ويؤخذ من مفهومه أن من باع عبداً ومعه مال وشرطه المبتاع أن البيع يصح" ثم ذكر اختلاف العلماء، فيما لو كان المال ربويًّا، حيث ذهب مالك إلى صحة ذلك ولو كان المال الذي معه ربويًّا لإطلاق الحديث؛ ولأن العقد إنما وقع على العبد خاصة والمال الذي معه لا مدخل له في العقد (٢) قال مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن المبتاع إن اشترط مال العبد فهو له، نقداً كان أو ديناً أو عرضاً يعلم أو لا يعلم ... " (٣)

الملحوظة الثالثة: إن جزءاً من السهم يمثل ديناً للشركة وحينئذ لا يجوز بيعه بثمن مؤجل؛ لأنه يكون بيع الدين بالدين وهو منهي عنه حيث روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ –أي الدين بالدين- (٤)

والجواب عن ذلك من وجوه:

الوجه الأول: الحديث ضعيف؛ لأن في سنده موسى بن عبيدة، وهو ضعيف (٥) فلا ينهض حجة، كما أن الحديث فُسِّرَ بَعْدُ تفسيراتٌ لا يدخل موضوعنا في أكثرها.

الوجه الثاني: لا ينطبق عليه بيع الدين بالدين، إذ أن هذا الجزء من ديون الشركة داخل في السهم تبعاً، وحينئذ يكون الجواب السابق في الملحوظة الثانية جواباً لهذا الإشكال بكل تفاصيله.

الوجه الثالث: ليس الحكم السابق –في كون الدين جزءاً من السهم- عامًّا، إذ قد لا توجد الديون للشركة، وإنما تتعامل بالنقد، وعلى فرض وجودها فهي تمثل نسبة قليلة من موجودات الشركة، والقاعدة الفقهية تقضي بأن العبرة بالأكثر. (٦)


(١) صحيح البخاري –مع الفتح ط. السلفية- المساقاة ٥/٤٩) ؛ ومسلم، ط. عيسى الحلبي – البيوع (٣/١١٧٣) ؛ وأحمد (٢/١٥٠) ؛ والموطأ ص (٣٧٨) .
(٢) فتح الباري (٥/٥١)
(٣) الموطأ: ص ٣٧٨.
(٤) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٤/٨٠) : رواه البزار، وفيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف.
(٥) تقريب التهذيب (٢/٢٨٦) ، ومجمع الزوائد (٤/٨٠) .
(٦) المراجع السابقة جميعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>