للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة أن الأسهم التي تقوم على الحلال، وتتبع الشركات التي تمتنع عن مزاولة أي نشاط محرم، وتتوفر فيه قواعد الشركة من المشاركة في الأعباء، وتحمل المخاطر، ولا تكون لهذه الأسهم ميزة مالية على غيرها ... فهي حلال لما ذكرناه، ويجوز إنشاؤها، والتصرف فيها؛ وذلك لأن ذلك كله داخل في حدود التصرفات المباحة التي أجازها الشارع للمالك في ملكه، امتثالاً لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] والأدلة الأخرى التي ذكرنا بعضها.

القسم الثاني: أسهم لم تتوفر فيها الشروط السابقة.

وهي الأسهم التي ليست لشركات تزاول المحرمات –كالنوع الأول- ولا لشركات قائمة على الحلال –كالقسم الأول- وإنما هي أسهم لشركات قد تودع في بعض الأحيان بعض فلوسها في البنوك بفائدة، أو تقترض منها بفائدة، أو قد تكون نسبة قليلة من معاملاتها تتم من خلال عقود فاسدة كمعظم الشركات في الدول الإسلامية، والشركات في الدول غير الإسلامية مما يكون محلها أموراً مباحة كالزراعة، والصناعة والتجارة (أي فيما عدا المحرمات السابقة في النوع الأول) .

وقبل أن أذكر حكم هذه الأسهم أود أن أبين جملة من المبادئ الشرعية في هذا الصدد منها:

أولاً: أن المسلمين مطالبون بتوفير المال الحلال الطبيب الذي لا شبهة فيه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: ١٦٨] {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا} [النحل: ١١٤] ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ... )) (١)

قال الحافظ ابن حجر: "واختلف في حكم الشبهات، فقيل: التحريم. وهو مردود، وقيل: الكراهة، وقيل: الوقف " ثم قال: " ... رابعها: أن المراد بها المباح، ولا يمكن قائل هذا أن يحمله على متساوي الطرفين من كل وجه، بل يمكن حمله على ما يكون من قسم الخلاف الأولى ... " ونقل ابن المنير في مناقب شيخه القباري عنه أنه كان يقول: " المكروه عقبة بين العبد الحرام فمن استكثر من المكروه تطرق إلى الحرام ... وهو منزع حسن" (٢)


(١) صحيح البخاري –مع الفتح- الإيمان (١/١٢٦) ؛ وسلم، المساقاة (٣/١٢٢٠) ؛ وأحمد (٤/٢٦٧) .
(٢) فتح الباري (١/١٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>