للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك في أن معرفة أحوال الدماغ من حيث صحته ومرضه، وحياته وموته أمر من أمور الدنيا؛ وليس أمرًا دينيًا ولا غيبيًا. والرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم أمرنا بالرجوع في أمور دنيانا إلى المختصين العدول، فإذا وجد بيننا علماء في الطب مسلمون لا نشك في علمهم ولا نتهمهم في إخبارهم عن الواقع، وجب أن نبني الأحكام على قولهم.

هذا وقد يقال لي: لماذا لم تلتزم بهذه القاعدة في رأيك عن بدء الحياة الإنسانية؟ أليس أكثر الأطباء يرون خلاف ما ذكرته هناك، وهم أهل الاختصاص؟

والجواب عن ذلك أن تلك القضية فيها نص حديث شريف، أسندت ظهري إليه، وفسرت الواقع بناء عليه، وهذا واجب كل مسلم مهما كان تخصصه ولم أخالف الأطباء فيما يدخل في اختصاصهم، وإنما فسرت بالشرع الواقع الذي أفادوه، ورددت عليهم ما ليس من تخصصهم؛ حيث حاولوا تفسير الواقع الذي اكتشفوه بما يتعارض مع حقيقة شرعية أخبر عنها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

وأخيرًا قد يجادل مجادل بأن المثال الذي ذكرته فيه فرق آخر، وهو أن المحكوم عليه بالإعدام لا حرمة له؛ لأنه مهدر الدم. وهذا فرق آخر لا قيمة له ولا أثر له في الحكم الذي ذكرناه؛ لأن المحكوم عليه بالإعدام غير محكوم عليه بخلع قلبه من صدره؛ وهذا أمر زائد عن العقوبة، وهو من المثلة المنهي عنها لو تجرد عن إذن صاحبه وعن غرض مشروع. وعلى أية حال فإن هذا مجرد مثال، والواقع قد يتمخض عن أمثلة كثيرة، وخاصة في هذا الزمان الذي تضاعفت فيه الأخطار على حياة ابن آدم. وهو متصور في حوادث السيارات والطائرات والقطارات وغيرها متصور بكثرة في الحروب.

<<  <  ج: ص:  >  >>