للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢-١٥- غرامات التأخير هل تشبه فوائد التأخير؟

١- الفوائد الربوية نوعان: فوائد تعويضية ١٠? مثلاً، وفوائد تأخيرية ١٥? مثلاً. فالفوائد التأخيرية تكون في العادة وفي القانون أعلى من الفوائد التعويضية، وفيها معنى الجزاء على التأخير في وفاء القرض.

٢- فهي تشبه غرامات التأخير إذن، بجامع معنى الجزاء في التأخير، ومن حيث إن كلًّا منهما يأخذ صورة معدل مرتبط بالمبلغ والزمن.

٣- لكن فوائد التأخير تتعلق بتأخير وفاء القرض عن موعد استحقاقه، أي هي متعلقة بالقروض، فهي من الربا.

٤- أما غرامات التأخير في مناقصات التوريد والمقاولة فتتعلق بتأخير تسليم السلع أو الأعمال عن موعدها المحدد، أي هي متعلقة بالبيوع والإجارات، لا بالقروض.

٥- لكن إذا اعتبرنا أن المبيع المستحق التسليم في أجل محدد ضرب من الالتزام (= الدين) فإن في غرامة التأخير شبهة ربا نسيئة: تقضي أم تربي؟

٦- في البيوع المؤجلة (النسيئة، السلم) أجاز جمهور الفقهاء نقصان البدل المعجل لقاء التأجيل في البدل المؤجل، ولكن لا أعلم أن أحداً منهم أجاز، بعد أن يترتب البدل المؤجل في الذمة، أن يؤجل هذا البدل المؤجل تأجيلاً آخر مقابل مبلغ من المال؛ لأن هذا يصير ربا نسيئة، كقول المدين لدائنه: أنظرني أزدك، أو الدائن لمدينة: تقضي أم تربي؟ كما يصير هذا داخلاً في بيع الكالئ بالكالئ، في صورة منه مجمع عليها، ويسميها المالكية: فسخ الدين في الدين، ويعتبرونها بحق من أشد الصور. (١)

٧- نستدل مما تقدم أن من الشرط الجزائي صوراً جائزة، وأخرى غير جائزة، فليست الصور الداخلة تحته قانوناً مطابقة للصور الداخلة تحته شرعاً.

٨- إن العلماء الذين أجازوا الشرط الجزائي (غرامات التأخير) : مصطفى الزرقا، وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، لم أجدهم ناقشوا مثل هذا في البحث الذي استندوا إليه في إصدار فتواهم.

٢ -١٦- إن خطت هذا الثوب اليوم فلك درهم، وإن خطته غداً فلك نصف درهم

١- أجازه بعض العلماء. قال في المغني: "وإن قال: إن خطت هذا الثوب اليوم فلك درهم، وإن خطته غداً فلك نصف درهم، فعن أحمد روايتان: إحداهما لا يصح، وله أجر المثل، نقلها أبو الحارث عن أحمد، وهذا مذهب مالك والثوري والشافعي وإسحق وأبي ثور؛ لأنه عقد واحد اختلف فيه العوض بالتقديم والتأخير، فلم يصح، كما لو قال: بعتك نقداً بدرهم، أو بدرهمين نسيئة، والثانية يصح، وهو قول الحارث العكلي وأبي يوسف ومحمد؛ لأنه سمى لكل عمل عوضاً معلوماً، فصح، كما لو قال: كل دلوٍ بتمرة" (٢)

وقال في البناية: "لأن التعجيل والتأخير مقصودان، فنزل منزلة اختلاف النوعين"، (٣) أي اختلاف الزمن كاختلاف النوع، كلاهما مقصود، ومن ثم فإن له أثراً في القيمة (الأجر) .


(١) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣/٦١.
(٢) المغني ٦/٨٧؛ وانظر إعلام الموقعين ٣/٤٠١؛ والإنصاف ٦/١٨؛ والبيان والتحصيل ٨/٤٣٨؛ والمدونة ٣/٣٨٩؛ والموسوعة الفقهية الكويتية ١/٢٥٦.
(٣) البناية ٧/٩٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>