للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- الصيغة المذكورة أعلاه جائزة إذا انعقدت الإجارة على أحد الموعدين (في هذا تستوي مع البيع، فهي جائزة في الإجارة والبيع) . وغير جائزة إذا ترك الخيار للأجير: إن خاط الثوب اليوم أعطي درهماً، وإن خاطه غداً أعطي نصف درهم.

٣- ومثل هذا لا يجوز في البيع أيضاً فلو قال له: إن سلمت المبيع (سلماً) بعد ستة أشهر فلك ١٠٠، وإن سلمته بعد سنة فلك ٩٠. أو قال: إن دفعت ثمن المبيع بعد ثلاثة أشهر فعليك ١٠٠٠، وإن دفعته بعد ستة أشهر فعليك ١٠١٠. هذا غير جائز.

٤- هذه الصيغة أعلاه تؤكد قيمة الزمن في الإسلام. فالأجرة تتأثر بزمن العمل، أي إن للزمن حصة من الأجر، كما أن للزمن حصة من الثمن. وقد بينا هذا في مواضع أخرى.

٢ -١٧- هل من فرق في الحكم بين (بيع ثوب بردهم نقداً ودرهمين نسيئة) و (خياطة ثوب بدرهمين ليوم، ودرهم ليومين) ؟

١- لا يبدو أن هناك فرقاً بين الصورتين، فإجارتان في إجارة كبيعتين في بيعة.

٢- وقد أجاز بعض العلماء الصورة الأولى، إذا انعقد البيع على أحد الثمنين. (١) وإني أرى رأي هؤلاء العلماء.

٣- وعليه أرى أن خياطة الثوب بدرهمين اليوم، وبدرهم غداً، جائزة أيضاً، إذا انعقدت الخياطة (الإجارة) على إحدى الأجرتين (أو أحد الموعدين) .

٤- ولا تجوز إذ لم تنعقد كذلك. فإذا خاطه اليوم أعطي درهمين، وإذا خاطه غداً أعطي درهما واحداً.

وهذا كما في البيع، فلا يجوز إذا سدد نقداً سدد درهماً، وإذا سدد غداً سدد درهمين. (٢)

٥- ومما يؤكد رأينا في الصورتين (البيع، والإجارة) أنهما من باب بيعتين في بيعة، ما جاء في المدونة. (٣)

قلت: أرأيت إن دفعت إلى خياط ثوباً يخيطه لي، فقلت له: إن خطته اليوم فبدرهم، وإن خطته غداً فبنصف درهم. أتجوز هذه الإجارة في قول مالك أم لا؟

قال: لا تجوز هذه الإجارة عند مالك.

قلت: لم؟

قال: لأنه يخيطه على أجر لا يعرفه. فهذا لا يعرف أجره. فإن خاطه فله أجرة مثله.

وقال غيره: إلا أن يكون أجر مثله أقل من نصف درهم، فلا ينقص عن نصف درهم، أو يكون أكثر من درهم فلا يزاد على درهم. (٤)

( ... ) وقال عبد الرحمن: وهذا من باب بيعتين في بيعة.

قال سحنون: وقول عبد الرحمن حسن.

( ... ) قال: وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال: ينهى أن يقول الرجل للعامل: اعمل لي متاعي هذا، فإن قضيتنيه غداً فإجارتك كذا وكذا، وإن قضيتنيه في بعد غدٍ فإجارتك كذا وكذا. قال: من بيعتين في بيعة.


(١) سنن الترمذي ٣/٥٢٤؛ ومصنف عبد الرزاق ٨/١٣٨؛ والمهذب للشيرازي ١/٣٥٥؛ وبداية المجتهد ٢/١١٥؛ وبحثي: "بيع التقسيط" ص ٦٠.
(٢) بيع التقسيط ص ٥٧.
(٣) المدونة ٣/٣٨٩، في الرجل يقول للخياط: إن خطت لي ثوبي اليوم فبدرهم، وإن خطته غداً فأجرك نصف درهم.
(٤) إني أرى جوازه إذا انعقدت الخياطة على إحدى الأجرتين، وقد أوردت نص المدونة لأجل بيان أن هذه الإجارة تدخل أيضاً في بيعتين في بيعة، وحكمهما واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>