بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وحبيبنا سيد المرسلين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أتقدم بكلمة شرك إلى كل من تقدموا ببحوث قيمة في هذا الاجتماع والاجتماعات التي قبله، وقد يكون تدخلي هذا تعليقاً موجزاً لا على مادة البحوث المقدمة إلى هذا الاجتماع وتفاصيلها؛ لأنها في الحقيقة بحوث قيمة تتضمن مادة علمية غنية ودسمة بتفاصيل، قد تلبي رغبة الباحث الأكاديمي وطالب العلم أكثر مما يلبي طلب وتطلعات الدول الحديثة التي تواجه مشاكل فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية وعلاقاتها مع العالم الخارجي.
أريد أن أعلق بإيجاز على منهجية العمل في اجتماعاتنا هذه، وقد سبقني إليها غيري وأخص بالذكر السيد المفتي محمد مختار السلامي. فالملاحظ أن التركيز أو أن هناك تركيزاً على استنباط الفقه والقياس المنطقي المبني على المصادر الأساسية من القرآن والسنة واجتهاد المجتهدين المقلدين الذين جاءوا من بعدهم. وقد نجح المجمع إلى حد كبير في اختيار موضوعات عملية جيدة واستكتاب الفقهاء لكتابة دراسات مفصلة وطيبة، ولكننا في حاجة إلى تقديم حلول عملية للتعامل مع المشاكل المعاصرة والتي نعيشها وتعاني منها دولنا الشيء الكثير. ولا شك في أننا كلنا يعلم أن الهدف الأساسي في إنشاء هذا المجمع الفقهي الإسلامي هو في الحقيقة إيجاد حلول أو إيجاد جهاز فتوى يقوم بدراسة المشاكل التي تواجه الأمة وهي كثيرة، وتصدر حولها فتاوى عملية تنسجم مع الشريعة الإسلامية ولا تتناقض ولا تتنافى مع متطلبات العصر الحديث.
فطبعاً هذه المسألة أنا على علم بأن كثيراً من الأئمة من الباحثين والفقهاء تناولوها من جانب آخر، لكن الذي يهمني في تدخلي هذا والذي يزعجني إلى حد ما، أننا نلاحظ أننا كثيرا ما نتقدم بإرجاع مسائل سبق وأن اخترنا دراستها. فبالأمس القريب أرجأت موضوعات سبق للمجمع أن أصدر بعض الفتاوى حولها، فمسألة الاستثمار بالأسهم سبق وأن تمت دراسة بعض جوانبه وبالأمس أجلناها؛ لأننا لم نُوَفَّقْ في الوصول إلى حل عملي نستطيع أن نقدمه إلى الأمة. فاليوم أرى أن هناك توجهاً لإرجاء مسألة ممن أهم المسائل وهي المناقصات، أيضاً أجلناها؛ لأننا لم نجعل أنفسنا أمام القضية بأننا لا نستطيع أن نبدي فيها رأياً يمكن أن نطبقه. ويبدو لي وقد أكون مخطئاً في هذا أننا يتوافر لدينا أن العالم الإسلامي غني بالفقهاء ولكننا نحتاج إلى فقهاء اقتصاديين ولعلنا لم نُوَفَّقْ بعدُ؛ لأننا نرى أن هناك بحوثاً جيدة فعلاً واستنباطاً فقهيًّا جيداً وكل المسائل وكل المصادر التي يستشهدون بها لكننا هنا عندما نأتي إلى محل التطبيق نرى أننا نحتاج إلى تأجيلها وإعادة النظر فيها، فهذا قد يكون سببه في أننا في الاستنباط الفقهي نجحنا ولم ننجح في التوفيق بين النظرية الفقهية والنظرية الاقتصادية في التعامل مع هذا، فالدول التي أنشأت هذا المجمع طبعاً ما زالت تنتظر ولها حق في الانتظار أن كل اجتماع اجتمعناه نخرج بحل من الحلول يستطيعون أن يطبقوه لمواجهة الحياة. فالشيخ المفتي محمد المختار السلامي في تدخله اليوم ذكر مسائل حية. مسألة المناقصات والمزايدات أن الدولة في حاجة إلى تزويد جيشها ودولة في حاجة إلى تنمية اقتصادياتها، فمعظم هذه الأشياء تتعلق بمسألة المناقصات والمزايدة، ولكننا مع ذلك وجدنا أنفسنا عاجزين على أن نخرج بشيء نستطيع أن نقدمه لها. فأنا لا أشك أن في الأمة عناصر جيدة تستطيع أن تقوم بهذا العمل.. ولكنني أتوجه مرة ثانية إليكم جميعاً أن نضع نصب أعيننا أن الهدف الأساسي من وجودنا هذا هو تقديم حلول عملية للدول التي أنشأت هذا وقد نكون قد نجحنا في تقديم بعض الحلول لكننا في الحقيقة فيما يتعلق بالتعامل المصرفي فيما يتعلق بالاقتصاد الدولي ... الحكومات الأخرى، أعتقد أننا في حاجة إلى مزيد من العمل لتلبية رغباتهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.