للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متى تنتهي الحياة

للشيخ محمد المختار السلامي

مفتي تونس

إن انتهاء الحياة له حالتان – حالة ظرفية وحالة مطلقة.

الحالة الظرفية:

هي حالة توقف الأجهزة الأساسية عن العمل توقفًا نهائيًا لا يمكن للعلم حسب إمكاناته ومستواه أن يعيدها إلى العمل من جديد، والأجهزة الأساسية هي القلب باعتباره المغذي لكل الأجهزة البشرية وجذع الدماغ باعتباره المنظم وبرج القيادة لكل الأجهزة فإذا امتنع الغذاء أو خربت القيادة أبديًا كان الموت.

ثم إن عمل هذين قد يكون عملًا طبيعيًا ولا إشكال في هذا، وقد يكون العمل غير طبيعي كتركيب آلات بوظائف القسم المعطل، فهل يعتبر الإنسان ما دامت فيه الحياة ولو كانت حياة خلوية أو آلية هل يعتبر حيًا له حكم الأحياء؟

يقول خليل بن إسحاق: ولا سقط ما لم يستهل ولو تحرك أو بال أو رضع.

إن هذه الفقرة تجعل مقياس الحياة الصوت، وقد فصل اللخمي ما تكون به الحياة فقال:

اختلف في الحركة والرضاع والعطاس فقال مالك: لا يكون له بذلك حكم الحياة، قال ابن حبيب: وإن أقام يومًا يتنفس ويفتح عينيه ويتحرك حتى يسمع له صوت، وإن كان خفيًا، قال إسماعيل: وحركته كحركته في البطن لا يحكم له فيها بحياة، قال عبد الوهاب: وقد يتحرك المقتول، وعارض هذا المازري وقال: لا معنى لإنكار دلالة الرضاع على الحياة لأنا نعلم علمًا يقينيًا أنه محال بالعادة أن يرضع الميت، وليس الرضاع من الأفعال التي تكون بين الطبيعية والاختيارية، كما قال ابن الماجشون: إن العطاس يكون من الريح، والبول من استرخاء المواسك، لأن الرضاع لا يكون إلا من القصد إليه، والتشكك في دلالته على الحياة يطرق إلى هدم قواعد ضرورية –والصواب ما قاله ابن وهب وغيره إنه كالاستهلاك بالصراخ (١)

ويقول المواق معلقًا على هذا البحث انظر هذا البحث من الإمام فقد كان عمر رضي الله عنه لما طعن معدودًا في الأموات لو مات له مورث لما ورثه، وهو قول ابن القاسم، ولو قتل رجل عمر رضي الله عنه لما قتل به وإن كان عمر حينئذ يتكلم ويعهد، وفرق بين ولد البقرة مثلًا تزلقه ومثله يعيش وبين المريضة التي أيس من حياتها، هذه يراعى الاستصحاب فتحسب حية وتتعلق بها الذكاة بخلاف المزلق (٢)


(١) الزرقاني ج ٢ ص ١١٢
(٢) شرح المواق علي خليل ج ٢ ص ٢٥٠

<<  <  ج: ص:  >  >>