للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- ثم استخدام طريقة النسبة والتناسب بين السلع بعضها إلى بعض، وبينها وبين النقود وملاحظاً فيها سنة الأساس، والسنة الحالية، والمستوى العام السنوي والمستوى العام الكلي، كما سبق.

وأما المعايير المستخدمة للتعريف على التغيرات في قيمة النقود فهي:

١- معيار الجملة أي النظر إلى سعر الجملة، باعتبار أنه يمكن حسابه بسهولة، فننظر إلى قيمة البضاعة بالجملة عام ١٩٩٠م، ثم في عام ١٩٩٥م فيظهر الفرق.

٢- معيار نفقات المعيشة من المأكل والمشرب، والمسكن، وسائر المصروفات العادية، أو حسب تعبيرات فقهاؤنا: الضروريات، والحاجيات، والمحسنات، أي ما يحتاج إليه الفرد من السلع الضرورية لحفظ الضروريات الخمس، والسلع الحاجية من مواصلات، وتعليم، والسلع الكمالية المباحة شرعاً (دون إسراف ولا تبذير ولا تقتير) ، فينظر إلى الفرد العادي في عام ١٩٩٠م وما يكفيه من النقود ليعيش عيشة متوسطة، فيحسب أنه يكفيه مثلاً ثلاثمائة دينار، ثم ينظر إلى مثل هذا الشخص وكم يكفيه عام ١٩٩٥م مع ملاحظة نفس المستوى؟ فإذا كان يكفيه الآن خمسمائة فإن نسبة التضخم إذن هي عالية جدًّا أي ٦٠? وهكذا.

٣- معيار العمل من خلال سوق العمل حيث ينظر إلى معدل الأجر في عام ١٩٩٠م –مثلاً- مع ملاحظة معدل الأجر في عام ١٩٩٥م فيظهر الفرق، والتضخم (١)

فقهاؤنا القدامى فرقوا بين النقود الاصطلاحية، والنقود الذاتية.

فقد بين العلامة ابن عابدين أن الخلاف الجاري بين أبي حنيفة ومحمد وبين أبي يوسف في رد المثل، أو القيمة عند اقتراض النقود إنما هو في النقود الاصطلاحية مثل الفلوس، والدنانير والدراهم اللتين غلب الغش عليهما، أما النقود الذاتية –كالدنانير والدراهم الخالصة- فيكون الرد فيها بالمثل بالإجماع، حيث يقول: "ثم اعلم أن الظاهر من كلامهم أن جميع ما مر إنما هو في الفلوس، والدراهم التي غلب غشها.. ويدل عليه تعليلهم لقول أبي حنيفة بعد حكايتهم الخلاف بأن الثمنية بطلت بالكساد؛ لأن الدراهم التي غلب غشها إنما جعلت ثمناً بالاصطلاح، فإذا ترك الناس المعاملة بها بطل الاصطلاح فلم تبق ثمناً.. وكذا اختلافهم في أن الواجب رد المثل أو القيمة، فإنه حيث كانت لا غش فيها لم يظهر للاختلاف فيها معنى، بل كان الواجب رد المثل بلا نزاع أصلاً (٢)

وقد أشار ابن عابدين إلى ما نحن نسميه اليوم بمعيار تغيير قيمة النقود من خلال تقويم النقود بالسلع، فذكر أن النقود الاصطلاحية "تقوم بغيرها" في حين أن النقود الذاتية يقوم بها غيرها" (٣)

وهذا النص الفقهي يستأنس به في عملية التقويم الذي ذكرناه.


(١) انظر: د. سامي خليل: النظريات والسياسات النقدية والمالية، الكويت ١٩٨٢م (٢/٣٣)
(٢) تنبيه الرقود على مسائل النقود، ط. استنبول ١٣٢١هـ (٢/٦-٦٢)
(٣) تنبيه الرقود (٢/٦٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>