للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفلس هو عملة غير الذهب والفضة، تضرب من النحاس أو من غيره، تكون مساعدة للعملة السائدة، فكان الفلس في بعض الأحيان يساوي سدس الدرهم، وقد يزيد، أو ينقص كما ذكرنا.

وبعد ذلك، نذكر بعض أحكام الخاصة بالدنانير والدراهم، لا توجد في الفلوس، حتى يتبين لنا مدى نظرة الفقهاء إلى هذه المسألة.

أولاً: أجمع الفقهاء على أن الدنانير والدراهم هما النقدان الأصليان اللذان يعتبر أن أثماناً للقيم والمتلفات ومعياراً لهما، وترتبت على ذلك أحكام كثيرة في الصرف والربا ونحوهما، لا يتسع المقام لذكرها. (١)

وأما الفلوس فقد جرى الخلاف فيها: فهل تلحق بهما في النقدية إذا أصبحت يتعامل بها الناس ونالت ثقتهم أم لا؟

فذهب المالكية إلى إعطائها حكم النقود في الربا في القول الراجح عندهم، (٢) في حين ذهب جماعة آخرون منهم الشافعية إلى منع ذلك، وهذه المسألة في الواقع مرتبطة بأن العلة في الربا في الذهب والفضة هل هي قاصرة أم متعدية؟ ولذلك نذكر أقوالهم. قال المرغيناني: " فالعلة عندما الكيل مع الجنس، والوزن مع الجنس" (٣) ويقول صاحب الدر المختار: "وعلته القدر المعهود بكيل أو وزن مع الجنس فإن وجدا حرم الفضل والنساء، وإن عدما حلًّا، وإن وجد أحدهما، حل الفضل وحرم النساء، وحل بيع تفاحة بتفاحتين وفلس بفلسين، أو أكثر بأعيانهما" ولكن جواز بيع فلس بفلسين، عند أبي حنيفة وأبي يوسف خاص بحالة تعيينهما، حيث إن للعاقدين إبطال ثمنية الفلوس، وحينئذ تصير كالعروض التي يجوز فيها التفاضل، أما في حالة عدم التعيين وجعلها أثماناً، فلا يجوز التفاضل. (٤)

وقال العدوي: "واختلف في علة الربا في النقود فقيل: غلبة الثمنية، وقيل: مطلق الثمنية، وعلى الأول، تخرج الفلوس الجدد، فلا يدخلها الربا، ويدخلها على الثاني" (٥) غير أن ابن رشد أسند إلى حذاق المالكية القول بأن العلة هي الصنف الواحد، مع كون الذهب والفضة رؤوساً للأثمان وقيماً للمتلفات، ثم قال: "وهذه العلة هي التي تعرف عندهم بالقاصرة؛ لأنها ليست موجودة عندهم في غير الذهب والفضة" (٦)


(١) فتح القدير (٧/٤) ؛ وبداية المجتهد (١/١٣٠) ؛ والمجموع للنووي (٨/٣٩٥) ؛ والمغني لابن قدامة (٤/٥-٧) وغيرهما
(٢) قال القرافي في الفروع (٣/٢٥٩) : "وفيها ثلاثة أقوال: التحريم، والإباحة، والكراهة".
(٣) فتح القدير، ط/ مصطفى الحلبي (٧/٤)
(٤) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ط. بيروت (٤/١٧٨-١٧٩)
(٥) حاشية العدوي على شرح أبي الحسن لرسالة أبي زيد (٢/١٣٠)
(٦) بداية المجتهد (١/١٣٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>