للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الشافعية إلى أن العلة في الذهب والفضة هي الثمنية غالباً –أي جنس الأثمان غالباً- وهذه العلة قاصرة عندهم. وعند الزيدية، (١) لا تتعدى إلى غيرهما، وفائدتها هي معرفة أن الحكم مقصور عليها، حتى لا نطمع في القياس. (٢)

يقول الإمام الشافعي: "الذهب والفضة بائنات من كل شيء لا يقاس عليهما غيرهما، لمباينتهما ما قيس عليهما" (٣) ويقول النووي: "إذا راجت الفلوس رواج النقود، لم يحرم الربا فيها هذا هو الصحيح المنصوص عليه، وبه قطع المصنف والجمهور (٤) ومعنى ذلك أن الفلوس تكون سلعة مثل الحيوان، حيث يجوز بيع حيوان بحيوانين؛ لأنه من القيميات التي تلاحظ فيها القيمة والجودة والرداءة".

وذهب الحنابلة، في المشهور، إلى أن العلة فيهما هي: كونهما موزون جنس. فعلى ضوء ذلك، تدخل الفلوس في الأموال الربوية، قال ابن قدامة: "واتفق المعللون على أن علة الذهب والفضة واحدة، وعلة الأعيان الأربعة واحدة، فروى عن أحمد في ذلك ثلاث روايات أشهرهن: أن علة الربا في الذهب والفضة كونه موزون جنس، والرواية الثانية: أن العلة في الأثمان الثمنية، فيختص بالذهب والفضة" (٥)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والأظهر أن العلة في الدراهم والدنانير هو الثمنية، لا الوزن كما قاله جمهور العلماء، ولا يحرم التفاضل في سائر الموزونات كالرصاص والحديد. والتعليل بالثمنية تعليل بوصف مناسب، فإن المقصود من الأثمان أن تكون معياراً للأموال، يتوسل بها إلى معرفة مقادير الأموال، لا بقصد الانتفاع بعينها".

ثم قال في مكان آخر: "لكن من قال: هي أثمان. فهل يجري فيها الربا من هذه الجهة؟ على وجهين في مذهب أحمد وغيره" (٦)

والمالكية، وإن كانوا قد وسعوا في مفهوم الثمنية، وأعطوا حكم النقود للفلوس ونحوها، ولكنهم مع ذلك أبقوا بعض الأحكام خاصة بالذهب والفضة، فمثلاً قالوا بوجوب الزكاة في الدرهم والدينار لذاتهما، إذا بلغا النصاب، ولكنهم مع ذلك قالوا بعدم وجوب الزكاة في الفلوس إلا إذا كانت للتجارة.


(١) البحر الزخار (٤/٣٣٣)
(٢) المجموع (٩/٣٩٥)
(٣) الأم (٣/٩٩)
(٤) المجموع (٩/٣٩٣-٣٩٥)
(٥) المغني (٤/٥-٧) ؛ والكافي (٢/٥٣)
(٦) مجموع الفتاوى (٢٩/٤٧١)

<<  <  ج: ص:  >  >>