للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين المجحود:

الدين إذا كان مجحودًا به ومضى عليه أحوال، ثم أقر به المدين وقبضه الدائن فلا تجب زكاته للسنين الماضية عند الحنفية، وقال زفر: تجب. (١) وهذا هو المال الضمار، والدليل على عدم وجوب زكاته قول علي رضي الله عنه: لا زكاة في المال الضمار؛ ولأن السبب هو المال النامي، ولا نماء إلا بالقدرة على التصرف، ولا قدرة عليه. (٢)

واختلف الفقهاء المشايخ في الدين المجحود إذا كان للدائن بينة، فقال بعضهم لا تجب فيه الزكاة كالمال الضمار، لأن البينة قد تقبل وقد لا تقبل، وقال بعضهم: تجب فيه الزكاة؛ لإمكان الوصول إليه. (٣)

وأما إذا كان القاضي عالمًا بالدين فإنه تجب الزكاة؛ لأن القاضي يقضي بعلمه في الأموال، فصاحبه يكون مقصرًا في الاسترداد، فلا يعذر. (٤)

الدائن الذي يملك نصابًا غير الدين:

الأحكام السابقة خاصة بالدائن الذي لا يملك شيئًا غير الدين، أو يملك أقل من النصاب، أما الدائن إذا كان يملك نصابًا غير الدين، وقبض شيئًا من الدين فإنه يضمه إلى ما عنده إذا كان من جنسه ويخرج زكاة الجميع، لأن المقبوض من الدين في هذه الحالة يكون مالًا مستفادًا فيضم إلى الأصل. (٥)

مذهب المالكية:

يقول ابن رشد: قال مالك: إذا قبض الدائن الدين يزكيه لحول واحد، وإن أقام عند المدين سنين إذا كان أصله عن عوض، وأما إذا كان عن غير عوض، مثل الميراث، فإنه يستقبل به الحول، وفي المذهب تفصيل في ذلك. (٦)

وفيما يلي تفصيل المذهب مستخلصًا من الشرح الكبير وحاشية الدسوقي:

الدين كما يستفاد من عبارة ابن رشد قد يكون أصله عن عوض، وقد يكون أصله عن غير عوض، الدين الذي أصله عن عوض هو دين القرض، ودين البيع، مثل أن يكون عنده مال فيسلفه لرجل، أو يشتري به سلعة ثم يبيعها بدين، والدين الذي أصله عن غير عوض هو ما كان عن ميراث، بيد الوصي على تفرقة التركة أو هبة بيد واهبها، أو صدقة بيد متصدقها، أو أرش جناية بيد جانيه، أو مهر بيد الزوج، أو خلع بيد دافعه، أو صلح عن دم خطأ أو عمد بيد المصالح، ولكل من هذين النوعين من الدين حكمه.

حكم الدين الذي أصله عن غير عوض:

هذا الدين لا زكاة فيه على الدائن حتى يقبضه ويحول عليه حول من قبضه، ولو أخر الدائن قبضه فرارًا من الزكاة. (٧)


(١) تحفة الفقهاء ١/٤٦٠ والهداية مع فتح القدير ١/٤٨٩
(٢) الهداية مع فتح القدير ١/٤٩٠
(٣) تحفة الفقهاء ١/٤٦١ والهداية مع فتح القدير ١/٤٩١
(٤) تحفة الفقهاء ١/٤٦١
(٥) تحفة الفقهاء ١/٤٣٢ – ٤٣٤ وفتح القدير ١/٥١٠، ٥١١
(٦) بداية المجتهد ١/٢٤٧
(٧) الدسوقي على الشرح الكبير ١/٤٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>