للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر ابن نجيم الحنفي أمثلة كثيرة روعيت فيها القيمة في هذا الباب منها: إذا وجب الرجوع بنقصان العيب عند تعذر رده، كيف يرجع به؟ قال قاضيخان: وطريق معرفة النقصان، أن يقوم صحيحاً لا عيب فيه، ويقوم به العيب".

ومنها: المغصوب المثلى إذا انقطع، قال أبو حنفية (رحمه الله) تعتبر قيمته يوم الخصومة، وقال أبو يوسف (رحمه الله) : يوم الغصب، وقال محمد (رحمه الله) يوم الانقطاع.

ومنها المتلف بلا غصب، تعتبر قيمته يوم التلف، ولا خلاف فيه، ومنها المقبوض بعقد فاسد، تعتبر قيمته يوم القبض.

ومنها الرهن إذا هلك بالأقل من قيمته ومن الدين، فالمعتبر قيمته يوم الهلاك، ومنها قيمة اللقطة إذا تصدق بها، أو انتفع بها بعد التعريف، ولم يجد مالكها، فالمعتبر فيها يوم التصدق (١) .

ويقول ابن القيم: "إن جميع المتلفات تضمن بالجنس بحسب الإمكان مع مراعاة القيمة، حتى الحيوان فإنه إذا اقترضه رد مثله كما اقترض النبي صلى الله عليه وسلم بكراً ورد خيراً منه.. وهذا أحد القولين في مذهب أحمد وغيره، وقصة داود وسليمان (عليهما السلام) من هذا الباب، فإن الماشية كانت قد أتلفت حرث القوم، فقضى داود بالغنم لأصحاب الحرث كأن ضمنهم بالقيمة، وأما سليمان، فحكم بأن أصحاب الماشية يقومون على الحرث، حتى يعود كما كان، فضمنهم إياه بالمثل، وأعطاهم الماشية، يأخذون منفعتها عوضاً عن المنفعة التي فاتت من غلة الحرث إلى أن يعود، وبذلك أفتى الزهري لعمر بن عبد العزيز، فيمن أتلف له شجر فقال الزهري: يغرسه حتى يعود كما كان، وقال ربيعة وأبو الزناد: عليه القيمة، ثم قال بأن القاعدة في المثلي هي المساواة في الجنس، والصفة، والمالية، والمقصود والانتفاع، ولذلك فما كان أقرب إلى المماثلة، فهو أولى بالصواب (٢) ومن هنا لنا الحق أن نتسائل: هل النقود الورقية هذه السنة تشبه النقود الصادرة قبل عشرين سنة؟ ! ويقول ابن حجر عند تعليقه على القول برد المثل في القيمي، عند من يقول به: "ومن لازم اعتبار المثل الصوري: اعتبار ما فيه من المعاني التي تزيد بها القيمة " (٣)


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٣٦٢ -٣٦٤
(٢) إعلام الموقعين (٢/ ٤٥)
(٣) تحفة المحتاج (٥/ ٤٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>