للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول المرغيناني: "ثم هي ما دامت تروج تكون أثماناً، لا تتعين بالتعيين، وإذا كانت لا تروج، فهي سلعة تتعين بالتعيين، وإذا كانت يتقبلها البعض دون البعض، فهي كالزيوف لا يتعلق العقد بعينها، بل بجنسها زيوفاً، إن كان البائع يعلم بحالها، لتحقق الرضا منه، وبجنسها من الجياد، إن كان لا يعلم، لعدم الرضا منه" (١) ، ثم قال موضحاً المزيد من الفرق بينها وبين الجياد: "وإذا اشترى بها سلعة، فكسدت، وترك الناس المعاملة بها، بطل البيع عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: عليه قيمتها يوم البيع، وقال محمد: قيمتها آخر ما تعامل الناس بها، لهما أن العقد صح، إلا أنه تعذر التسليم بالكساد، وأنه لا يوجب الفساد.. وإذا بقي العقد، وجبت القيمة، لكن عند أبي يوسف وقت البيع؛ لأنه مضمون به، وعند محمد يوم الانقطاع، لأنه أوان الانتقال إلى القيمة.. ولأبي حنيفة أن الثمن يهلك بالكساد؛ لأن الثمنية بالاصطلاح، وما بقي، فيبقى بيعاً بلا ثمن فيبطل، وإذا بطل البيع، يجب رد المبيع، إن كان قائماً، وقيمته، إن كان هالكاً، كما في البيع الفاسد" ونقل ابن الهمام عن أصحاب الذخيرة: أن الفتوى على قول أبي يوسف (٢) .

وبعد هذا العرض، يمكننا أن نأتي إلى ذكر الفروق الجوهرية بين النقود الورقية والنقود المعدنية والذاتية بإيجاز.

الفرق الأول:

أن الذهب والفضة نقدان ذاتيان ضامنان للقيمة في حد ذاتهما، في حين أن العملة الورقية نقد حسب العرف والاصطلاح، اكتسبت قوتها في بدايتها من غطائها الذهبي أو الفضي، والآن تكسبها من قوة الدولة وضمانها لها.

ولذلك فليس بوسع أي أحد –فرداً أو دولة- أن يلغي قيمة النقود المعدنية، حتى لو ألغيت نقديتها رسميًّا ستظل قيمتها باقية كسلعة، أما النقود الورقية، فتستطيع كل دولة أن تلغيها، أو تنقص من قيمتها، وإذا ألغيت فلا يبقى لها أية قيمة.

ولا شك في أن قيمة النقود الورقية في قوتها الشرائية، وقدرتها على أن يشترى بها الحاجات الأساسية وغيرها؛ وذلك لأن النقود الورقية ليست مما يؤكل ولا يلبس، ولا يتحلى بها على عكس السلع، والنقود الذهبية والفضية.


(١) الهداية مع فتح التقدير (٧/ ١٥٣)
(٢) الهداية، مع شرحيه: فتح القدير، وشرح العناية (٧/ ١٥٤- ١٥٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>