للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق الثاني:

أن النقود الذاتية لا ينسى مع نقديتهما وزنهما، باعتبار أن زيادة الوزن تدل بلا شك على زيادة القيمة، وقد أشار إلى ذلك الحديث الصحيح ((وزناً بوزن)) (١) ويترتب على ذلك أمران:

الأمر الأول:

عدم جواز الزيادة بين تبر الذهب ونقده، بل وبين الدنانير بعضها ببعض إذا كان في أحدها زيادة على الآخر، يقول الشافعي: ".. أرأيت الذهب والفضة مصروبين دنانير، أو دراهم.. لا يحل الفضل في واحد منهما على صاحبه لا ذهب بدنانير، ولا فضة بدراهم إلا مثلاً بمثل، وزناً بوزن، وما ضرب منهما، وما لم يضرب سواء لا يختلف". "الربا في مضروبه وغير مضروبه سواء". فقد نظر الشافعي إلى النقود من حيث أصلها، فما دام موزوناً فيراعى فيه الوزن، وهكذا، ولذلك فما كان غير موزون أو مكيل ويصبح ثمناً بالعرف يلاحظ فيه أصله، يقول الشافعي: "وإنما أنظر في التبر إلى أصله، وأصل النحاس لا ربا فيه".

وما دام يلاحظ في النقود الذهبية والفضية أصلها من حيث الوزن، ولذلك يوجد الربا في مضروبه وغير مضروبه، ومن هنا "فكيف يجوز أن يجعل مضروب الفلوس مخالفاً غير مضروبها؟ " (٢) وإلى اعتبار الوزنية في الذهب والفضة تبرها ونقدهما، ذهب الحنفية (٣) والمالكية (٤) والحنابلة (٥) وغيرهم.

قال ابن رشد:

"وأجمع الجمهور على أن مسكوكه وتبره ومصوغه سواء في منع بيع بعضه ببعض متفاضلاً، لعموم الأحاديث المتقدمة في ذلك إلا معاوية، فإنه كان يجيز التفاضل بين التبر والمصوغ، لمكان زيادة الصياغة، وإلا ما روي عن مالك أنه سئل عن الرجل يأتي دار الضرب بورقه، فيعطيهم أجرة الضرب ويأخذ منهم دنانير ودراهم وزن ورقه، أو دراهمه؟ فقال: إذا كان ذلك لضرورة خروج الرفقة ونحو ذلك، فأرجو ألا يكون به بأس، وبه قال ابن القاسم من أصحابه، وأنكر ابن وهب من أصحابه"

(٦) قال ابن قدامة: "فإذا باع ديناراً بدينار كذلك وافترقا، فوجد أحدهما ما قبضه ناقصاً، بطل الصرف؛ لأنهما تبايعا ذهباً بذهب متفاضلاً" (٧) قال ابن عابدين: "فإذا استقرض مائة دينار من نوع، فلا بد أن يوفى بدلها مائة من نوعها الموافق لها في الوزن، أو يوفى بدلها وزناً لا عدداً" (٨) .


(١) جزء من الحديث الصحيح المتفق عليه
(٢) الأم (٣/ ٩٨)
(٣) فتح القدير (٧/ ١٥) ؛ وحاشية ابن عابدين (٥/ ١٧٧)
(٤) بداية المجتهد (٢/ ١٩٦)
(٥) المغني لابن قدامة (٤/ ١٠)
(٦) بداية المجتهد (٢/ ١٩٦)
(٧) المغني (٤/ ٥٠)
(٨) ابن عابدين (٥/ ١٧٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>