للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الأستاذ جيوفري: "إن الورق النقدي الآن ليس إلا قطعة من الكاغذ، ليس لها قيمة ذاتية، ولو قدمت إلى البنك البريطاني لافتكاكها، فإن البنك لا يستطيع الوفاء بوعده إلا بإعطاء عملة رمزية أخرى، أو ورق نقدي آخر" (١) وحاصل ذلك: أن هذا الوعد المكتوب لا يعبر إلا عن ضمان الحكومة لحامله، بأنه مستعد للوفاء بوعده، ولكن ليس بذهب ولا فضة، بل بورق آخر يساويه في القيمة.

وقد أشار ابن عابدين إلى أن العملة الذاتية الخالصة تكتسب قوتها من ذاتيتها، ولذلك لا يتحكم فيها الناس –كقاعدة عامة- على عكس النقود الاصطلاحية حيث يقول:

"فإنه –أي الغلاء والرخص- إنما يظهر إذا كانت –أي الدراهم والدنانير- غالبة الغش تقوم بغيرها" (٢) .

وأشار الشافعي إلى فرق لطيف بين الذهب والفضة من جانب، وبين غيرهما، حتى ولو صار نقداً مثل الفلوس، حيث ذكر أن الذهب سواء كان مضروباً كالدينار، أم تبراً لا يجوز بيعه بالذهب مطلقاً إلا مثلاً بمثل، وكذلك الفضة، "وما ضرب منهما وما لم يضرب سواء لا يختلف.. فلا يحل الفضل في مضروبه على غير مضروبه.. فكيف يجوز أن يجعل مضروب الفلوس مخالفاً غير مضروبها؟ " (٣) فالنقود الورقية يجوز أن يشترى بها كميات أكثر من وزنها من الأوراق التي صنعت منها.

الفرق الرابع:

أن علماءنا المعاصرين متفقون على أن نقودنا الورقية تقوم بالذهب، أو الفضة، أو غيرهما لمعرفة نصاب الزكاة فيها، ولذلك فنقد كل بلد يقوم فإذا بلغ ما لدى الإنسان مقداراً يصل إلى قيمة عشرين مثقالاً من الذهب، أو مائتي درهم من الفضة تجب الزكاة إذا حال عليه الحول، بل أكثر من ذلك رجح فضيلة الأستاذ القرضاوي ربط نصاب النقود الورقية بالسلع الأساسية التي نص على نصابها فقال: "وبناء على هذا البحث، نستطيع أن نضع معياراً ثابتاً للنصاب النقدي، يلجأ إليه عند تغير القوة الشرائية للنقود تغيراً فاحشاً يجحف بأرباب المال أو بالفقراء، وهذا المعيار هو ما يوازي متوسط نصف قيمة خمس من الإبل، أو أربعين من الغنم في أوسط البلاد وأعدلها" (٤) .


(١) الأستاذ محمد تقي العثماني: بحثه السابق ومصادره المشار إليها
(٢) رسالة النقود ص (٢/ ٦٢)
(٣) الأم: ٣/ ٩٨
(٤) فقه الزكاة (١/ ٢٦٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>