للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق الثامن:

أن الفقهاء حينما أجمعوا على أن الذهب والفضة، والحنطة والشعير –مثلاً- يجب فيها المثل مطلقاً في حين اختلفوا في النقود المغشوشة والفلوس، حيث لاحظ بعضهم القيمة عند الغلاء والرخص، صرحوا بأن السبب في ذلك أن الذهب والحنطة ونحوهما مما يستفاد بذاتها مع قطع النظر عن قيمتها فعشرة كيلوات من الحنطة سواء رخص سعرها أو غلا، هو غذاء يحقق الغرض المقصود، وينتفع به صاحبها من حيث الطعم والغذاء دون أن يؤثر فيها القيمة ولكن الفلوس والنقود المغشوشة تكمن قيمتها في رواجهما وقبول الناس لهما فإذا لم يتحقق فيهما هذه الشروط، فقد فقدتا مثليتهما، وبالتالي يلاحظ فيهما القيمة والقوة الشرائية.

الفرق التاسع:

لنا أن نتساءل: ما هو المعيار الذي تحدد به قيمة النقود في العالم؟ فمثلاً يكون الريال القطري الآن يساوي كذا، وسابقاً كان يساوي كذا، وكذلك بقية العملات، ثم العلاقة بين عملة أخرى، فالدولار يساوي مثلاً ٣.٦٥ ريال قطري ٣٣٠ قرشاً مصريًّا مثلاً.

فكان المعيار عند نشأة النقود الورقية هو الغطاء الذهبي، إذن كانت مقومة به ومعتبرة به، وتابعة له من حيث الرخص والغلاء، أما بعد أن ألغي هذا الربط فبأي شيء يرتبط؟ لا شك أنها مرتبطة بعدة اعتبارات مختلفة للدولة التي تصدرها.

وأيًّا ما كان، فقد روعي من حيث أساسها القيمة، ولا تزال في دول الغرب يلاحظ فيها قوتها الشرائية، حيث يعرف من خلالها نسبة التضخم، ويكون المعيار في ذلك هو السلع الأساسية باعتبار وقتين مختلفين، وقت إصدار النقد، والوقت الذي حصل فيه الغلاء.

بل أكثر من ذلك لا تزال قيمة النقود الورقية يراعى فيها قيمتها في مقابل الذهب على مستوى الصندوق المالي العالمي.. يقول الأستاذ محمد تقي العثماني: "وفي سنة ١٩٧٤م اختار (الصندوق المالي العالمي) فكرة (حقوق السحب الخاصة) كبديل لاحتياطي الذهب، وحاصل ذلك أن أعضاء هذا الصندوق يستحقون سحب كمية معينة من عملات شتى الدول، لأداء ديونهم إلى الدول الأجنبية الأخرى، واعتبر ٨٨٨٦٧٦ جراماً من الذهب كعيار لتعيين هذه الكمية، وأن حقهم لسحب هذه الكمية اعتبر بديلاً لاحتياطي الذهب" (١) .

وأما النقود الذهبية، أو الفضية فلم يقل أحد بأنها بحاجة إلى التقويم.


(١) في بحثه المقدم إلى المجمع الفقهي الإسلامي بمكة في ٧/ ٢/ ١٤٠٦ هـ ص ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>