للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الدكتور أحمد عبده: "كذلك يعتبر الكثيرون أن الوظيفتين الأوليين للنقود (وهما وسيط للتبادل ومقياس للقيم) وظائف أصلية، أما الوظيفتان الأخيرتان (أي مخزن للقيم ومعيار للمدفوعات الآجلة) ، فتعدان وظائف مشتقة" (١) .

ثم إن مفهوم النقود اليوم واسع جدًّا حيث يشمل النقود السلعية، والمعدنية، والمساعدة، والورقية، والمصرفية، وظهرت الآن في أوربا نقود أخرى مثل نقود البلاستيك، فكلها نقود مع أن أكثرها لا تؤدي جميع الوظائف التي كانت تؤديها النقود المعدنية (٢) .

يقول الأستاذ حمدي عبد العظيم: "إن النقود المعدنية (الذهب والفضة) لا تستخدم فقط كوسيلة للتبادل، وإنما تستخدم كذلك كمخزن للقيمة، وكمعيار للمدفوعات الآجلة، وذلك خلافاً لما هو عليه الحال في الاقتصاديات غير الإسلامية التي أدت فيها النتائج السيئة المترتبة على عدم وجود غطاء للعملة، وما يتبعه من حدوث أزمات مختلفة إلى مجرد الاقتصار على وظيفة واحدة للنقود، وهي كونها وسيلة للتبادل" (٣) .

وفي نظري أن نظام النقود اليوم –ولا سيما النقود الورقية- نظام خاص لا يمكن إجراء جميع الأحكام الخاصة بالنقود المعدنية: الذهب والفضة، حتى ولا الفلوس- كما ذكرنا- فهو نظام خاص جديد لا بد من أن نتعامل معه على ضوء نشأته، وتطوره وغطائه، وما جرى عليه، ومن هنا فما المانع من أن نقره كوسيط للتبادل التجاري، ولكنه مع ذلك نلاحظ فيه قيمته، ولا سيما عند تذبذبه وانهياره، ونربطه إما بالذهب، أوبسلة السلع –كما نذكر فيما بعد- وبذلك أخذنا بإيجابياته، وطرحنا سلبياته، وهذا الحل الأمثل في نظري إلى أن يعود نظام النقدين: الذهب والفضة، أو يصلح نظام النقد الدولي.

فقد فقدَ النقد الورقي الحالي كثيراً من وظائفه الأساسية، فلم يعد –مثل السابق- مقياساً للقيم، حتى في الغرب الذي نشأ فيه، ولا مخزوناً للثروة، حيث إن الكثيرين يخزنون ثرواتهم بغيره، أو بالعقارات ونحوها، ولذلك حينما تظهر بادرة حرب، أو مشكلة سياسية خطيرة يقدم الناس –ولا سيما في الغرب- على شراء الذهب، فترتفع أسعاره (٤) .

فقيمة نقودنا الحالية تكمن قدرتها الشرائية –كما ذكرنا- ولذلك يقول الإمام السرخسي قبل عدة قرون: "إنما المقصود المالية، وهي باعتبار الرواج في الأسواق" (٥) .

وقد أكد ذلك بعض الاقتصاديين المعاصرين يقول أحدهم: "النقود حق مالي تتحد قيمتها بالقيمة الاقتصادية لموضوع هذا الحق، وتزيد قيمتها حسب قوتها الشرائية التي تتبع الإنتاج القومي، وهكذا فإن قيمة النقود هي قيمة مشتقة من قوة الاقتصاد وحجم الإنتاج، ولذلك فالنقود هي حقوق على اقتصاد الدولة التي تصدرها، وهي حقوق ومديونية من نوع خاص تتميز بقابليتها للتداول (السيولة) ثم انتهى الباحث إلى أن النقود ليست مثلية، وأن من يسترد نقوده بعد فترة فإنه لا يسترد نفس الشيء وإنما يتعلق حقه باقتصاد وإنتاج جديد" (٦) .


(١) . أحمد عبده: الموجز في النقود والبنوك ص (٢١)
(٢) المصادر السابقة
(٣) د. حمدي عبد العظيم: السياسات المالية والنقدية الميزان ص (٣٤٢)
(٤) المصادر السابقة
(٥) المبسوط (١٤/ ١٦
(٦) د. حازم البيلاوي في بحثيه حول النقود. ونحن لسنا معه في حكمه العام على النقود بأنها ليست مثلية

<<  <  ج: ص:  >  >>