للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- رعاية القيمة عند رخص الفلوس والدراهم المغشوشة:

لا خلاف بين الفقهاء عند إعواز المثلي يرجع إلى قيمته، غير أنهم اختلفوا في الفلوس والنقود المغشوشة هل يجب الرد فيها بالمثل أو بالقيمة عند غلائها، أو رخصها، أو كسادها، أو انقطاعها؟ (١) .

هذا ما ثار فيه الفقهاء:

أ- اتجاه يعتد بالمثلية:

فذهب جماعة منهم المالكية –في المشهور- والشافعية والحنابلة أبو حنيفة إلى رعاية المثلية في هذه الصورة، على التفصيل الآتي: يقول خليل: "وإن بطلت فلوس، فالمثل.. وإن عدمت، فالقيمة وقت اجتماع الاستحقاق والعدم" وعلق عليه الخرشي بقوله: "يعني أن الشخص إذا ترتب له على آخر فلوس، أو نقد من قرض، أو غيره، ثم قطع التعامل بها، أو تغيرت من حالة إلى أخرى فإن كانت باقية، فالواجب على من ترتبت عليه المثل في ذمته قبل قطع التعامل بها، أو التغير على المشهور، وإن عدمت، فالواجب عليه قيمتها مما تجدد وظهر.." (٢) فعلى ضوء ذلك أن هذه المسألة ليست خاصة بالفلوس، وإنما هي تضم جميع النقود في جميع العقود الآجلة، وقد جاء في المعيار المعرب: تحت عنوان: "ما الحكم فيمن أقرض غيره مالاً من سكة ألغي التعامل بها؟ سئل ابن الحاج عمن عليه دراهم فقطعت تلك السكة؟

أجاب: أخبرني بعض أصحابنا أن أبا جابر فقيه إشبيلية قال: نزلت هذه المسألة بقرطبة أيام نظري فيها في الأحكام، ومحمد بن عتاب حي ومن معه من الفقهاء، فانقطعت سكة ابن مهور بدخول ابن عباد سكة أخرى، أفتى الفقهاء أنه ليس لصاحب الدين إلا السكة القديمة، وأفتى ابن عتاب بأن يرجع في ذلك من قيمة السكة المقطوعة من الذهب" (٣) .

وقد نص الشافعي على أن: "من سلف فلوساً، أو دراهم، أو باع بها ثم أبطلها السلطان، فليس له إلا مثل فلوسه، أو دراهمه التي أسلف، أو باع بها" (٤) .


(١) المراد بكساد النقود هو ترك المعاملة بها في جميع البلاد. وإن كانت تروج في بعض البلاد تكون في حكم العينة إذ تروج في سوق التعاقد. وجد الانقطاع أن لا يوجد في السوق إن كان يوجد في يد الصيارفة وفي البيوت. انظر رسالة النقود لابن عابدين (٢/ ٦٠)
(٢) شرح الخرشي على خليل (٥/ ٥٥) ؛ وبلغة السالك (٢/ ٢٨٦)
(٣) المعيار المعرب (٦/ ٤٦١- ٤٦٢)
(٤) الأم (٣/ ٢٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>