للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نظر مجلس المجمع في النظائر الفقهية ذات الصلة بهذا الموضوع من فقه المذاهب واستعرض قواعد الشريعة ذات العلاقة مما يستأنس به ويمكن أن يوصى بالحكم القياسي والاجتهاد الواجب فقهًا في هذا الشأن كما رجع إلى آراء فقهاء المذاهب فوجد ما يلي:

١- إن الإجارة يجوز للمستأجر فسخها بالطوارئ العامة التي يتعذر فيها استيفاء المنفعة كالحرب والطوفان ونحو ذلك، بل الحنفية يسوغون فسخ الإجارة أيضًا بالأعذار الخاصة بالمستأجر مما يدل على جواز فسخها بالطوارئ العامة مقبول لديهم أيضًا بطريق الأولوية فيمكن القول: إنه محل اتفاق، وذكر ابن رشد في بداية المجتهد (ج ٢ ص/١٩٢ من طبعة الخانجي الأولى بالمطبعة الجمالية في مصر) تحت عنوان: (أحكام الطوارئ) أنه: (عند مالك أن أرض المطر (أي البعلية التي تشرب من ماء السماء فقط) إذا كريت فمنع القحط من زراعتها، أو إذا زرعها المكتري فلم ينبت الزرع لمكان القحط (أي بسببه) أن الكراء ينفسخ، وكذلك إذا استعذرت بالمطر حتى انقضى زمن الزراعة فلم يتمكن المكتري من زرعها) انتهى كلام ابن رشد.

٢- وذكر ابن قدامة المقدسي في كتاب الإجارة من المغني (المطبوع مع الشرح الكبير ج ٦ ص/٣٠) أنه: (إذا حدث خوف عام يمنع ذلك المكان الذي فيه العين المستأجرة، أو تحصر البلد فامتنع الخروج إلى العين المستأجرة لزرع أو نحو ذك، فهذا يثبت للمستأجر خيار الفسخ لأنه أمر غالب يمنع المستأجر من استيفاء المنفعة، فأما إذا كان الخوف خاصًّا بالمستأجر مثل أن يخاف وحده لقرب أعدائه ... لم يملك الفسخ، لأنه عذر يختص به لا يمنع استيفاء المنفعة بالكلية فأشبه مرضه.

٣- وقد نص الإمام النووي -رحمه الله- في روضة الطالبين (ج ٥ ص/٢٣٩) أنه لا تنفسخ الإجارة بالأعذار سواء كانت إجارة عين أو ذمة، وذلك كما إذا استأجر دابة للسفر عليها فمرض، أو حانوتًا لحرفة فندم، أو هلكت آلات تلك الحرفة، أو استأجر حمامًا فتعذر الوقود. قال النووي: وكذا لو كان العذر للمؤجر بأن مرض وعجز عن الخروج مع الدابة، أو أكرى داره وكان أهله مسافرين فعادوا واحتاج إلى الدار أو تأهل قال: فلا فسخ في شيء من ذلك إذ لا خلل في المعقود عليه.

٤- ما يذكره العلماء رحمهم الله في الجوائح تجتاح الثمار المبيعة على الأشجار بالأسباب العامة كالبرد والجراد وشدة الحر والأمطار والرياح ونحو ذلك، مما هو عام حيث يقرون سقوط ما يقابل الهالك بالجوائح من الثمن وهي قضية الجوائح المشهورة في السنة والفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>