للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما التضخم العالي، ويسمى بالحلزوني لتزايد سرعته، بحيث تكون كل حلقة فيه أكبر بكثير من سابقتها، فهو الذي ترتفع فيه النسبة السنوية زيادة الأسعار، كما لاحظنا ذلك في مثال تركيا، ويحذر الاقتصاديون من كل تضخم تبلغ نسبته الرقم الثنائي، أي العشرة بالمائة فما فوق، ويؤكدون أضراره الكثيرة على الإنتاج، والتوزيع والتصدير، والتنمية. كما يخافون أيضًا من التضخم الذي يقل عن العشرة بالمائة إذا أصبح مزمنًا ومستمرًّا، فتضخم بنسبة ٧.٢ % سنويًّا يعني مضاعفة المعدل العام للأسعار، أو نقص القوة الشرائية للنقود إلى النصف، خلال عشر سنوات، وهو أمر لا يمكن اعتباره يسيرًا، أو متحملًا.

وفي نفس الوقت نجد بلدانًا كثيرة تتعايش مع تضخم عال أو حلزوني، قد تصل نسبته إلى أكثر من ١٠٠ % سنويًّا في بعضها، وسنعرض لكيفية التعامل مع هذا النوع من التضخم، في بعض البلدان، في الفقرة التالية، من هذا القسم.

ومن حيث توقعات الناس حول التضخم، يميز الاقتصاديون، في أبحاثهم بين التضخم المتوقع، والتضخم غير المتوقع، ومن الواضح أن التضخم المتوقع هو ما يعتقد الناس أنه سيحصل في المستقبل، وبالتالي، فإنهم يبنون تصرفاتهم المستقبلية على أساس من هذه التوقعات، ولا شك أن هذه التوقعات، قد تتحقق بنسبة كبيرة، كما أنها قد تفشل في التحقق، في عالم الواقع، ومن البدهي أنه لا يوجد –في هذا المجال- توقع صادق تمامًا، يقع كفلق الصبح.

رابعًا- السلطة النقدية والنظم النقدية:

إذا أنعمنا النظر في النقود المعاصرة، وكيفية إصدارها، وأسباب ارتفاع، وهبوط قيمتها، تكشف لنا مجموعة مسائل جدير بالملاحظة والتأمل.

١- فالنقود المعاصرة، قليلة الكلفة، من حيث إنتاجها، ونقلها، وتخزينها، فإنتاج المقادير الكبيرة من النقود الورقية، لا يكلف أكثر من طباعة أرقام، وصور على قطع صغيرة من الأوراق، أما الحسابات الدائنة لدى المصارف، فإنها أيضًا قليلة التكاليف جدًّا، وكذا إصدار النقود من قبل المستهلكين، أو حاملي بطاقات الائتمان، وكذلك فإن كلفة نقل وتخزين النقود المعاصرة قليلة جدًّا، وبخاصة خلال التحويلات الإلكترونية، كل ذلك يجعل افتراض أنها تكاد تكون معدومة الكلفة افتراضًا معقولًا، ومقبولًا من الناحية التحليلية، وهذا يختلف اختلافًا كثيرًا جدًّا عن النقود المعدنية التي هي مكلفة في كل من إنتاجها، ونقلها، وتخزينها.

<<  <  ج: ص:  >  >>