فالنقود الورقية هي اعتبارية. الدولة تقول الآن: عملتي تساوي خمسين بالمائة –مثلًا- من ما يوازيها من الدولار أو غير ذلك، وهذا ما تصرح به البنوك المركزية. فحينئذ إذا كان هذا هو شأن النقود الورقية فلم لا نسير مع قرار الدولة، طبعًا نسد الباب أمام ما يجري في السوق السوداء من التلاعب بالأسعار ومحاولة تخفيضها بافتعالات يقوم بها الصرافون، هذا نحن ينبغي ألا نتأثر بهذا الاتجاه وهو ما عليه السوق السوداء، إنما نلتزم بما عليه التسعير الرسمي الذي تصدره البنوك المركزية لعملتها بين فترة وأخرى. وما دام هذا هو الذي ينبغي أن نفهمه عن النقود الورقية وأظن أن إخواننا الاقتصاديين وقد درسنا الاقتصاد أيضًا يقرون هذا المعنى وبالتالي يكون علاج التضخم في تقديري ينبني على هذه الأسس الثلاثة.
الأساس الأول: ينبغي إذا اعتبرنا مسألة معالجة التضخم أن يكون ذلك في ضوء التسعير الرسمي للعملة المحلية دون أن نترك مجالًا لما عليه حال الناس في السوق السوداء.
الأساس الثاني: ينبغي أن نكون أيضًا محققين لمبدأ العدالة فنراعي هذا المبدأ في جانبيه الإيجابي والسلبي وهي حالة الارتفاع والانخفاض في آن واحد حتى يكون قرارنا سليمًا.
الأساس الثالث: ينبغي –أيضًا- ألا نتأثر بما هو معروف لدى فقهاؤنا من أن الغبن اليسير لا يعول عليه في المبادلات، وإنما المعول على الغبن الفاحش هو الذي لا يدخل تحت تقويم المقومين وقدره المالكية بالثلث، وقدره –أيضًا- الحنفية بثلاثة من عشرة يعني الثلث أو أزيد قليلًا. فكل هذا معيار يجعلنا نعالج هذه المسألة إذا كان ارتفاع أو انخفاض العملة يعادل الثلث فأكثر فهذا ضابط سليم. وحينئذ نرفع الضرر في هذه الضوابط عن كل من الدائن والمدين.
وأخيرًا ينبغي ألا نتأثر بما يقال ويفتي بعض إخواننا من العلماء من أن قضية الفائدة الربوية وسمعنا هذه الفتوى أخيرًا، أن هذه الفائدة الربوية ما هي إلا تجسيد لنزول وهبوط العملة، يعني التضخم فالسبعة بالمائة التي تدفعها الدولة أو تعطي أربعة بالمائة يقول: هذا حلال، لماذا لأن العملة انخفضت فيكون لي حق أصيل في أن آخذ هذه الفائدة لتغطية انهيار العملة المحلية. الحقيقة هذا منفذ خطير؛ لأننا إذا لجأنا إليه يؤدي إلى مشكلات كثيرة واضطرابات في موازين الناس وتصرفاتهم، مثل هذا في الحقيقة لا يصح أن نعول عليه.