أخيرًا قضية قياس هذا الموضوع على الجائحة. سمعنا أن الجائحة سماوية، وهل هناك تعبير أرقى من هذا التعبير الذي ذكره فقهاؤنا؟ الأزمة الاقتصادية التي تحل بالدولة هي أشد عتوًّا وتأثيرًا وتهديدًا لاقتصاد الدولة من الجائحة السماوية. الجائحة السماوية تصيب جانبًا –مثلًا- من المزارع، في بعض البساتين دون البعض الآخر، أما هذا فهو بلاء عام هو يسري أثره على كل وضع الدولة وقد تهدد بالإفلاس في أزمتها الاقتصادية الخانقة. فإذن هو أخطر من الجائحة السماوية، والماليكة والحنابلة صرحوا بأن الجائحة السماوية إذا كانت في مقدار الثلث –وهو الضابط الذي ذكرته- يعد مفتاحًا لحل المشكلة وإن كان الشافعية –مثلًا- لا يأخذون بهذا الاتجاه. فالقضية قضية اختيار لأحد رأيين، لنمنع السخرية التي وجهت والهزء لقرارنا السابق والتهكم الذي لقيه هذا القرار السابق من الناس قاطبة وهو أن مجمع الفقه في الحقيقة ما هم إلا جماعة مخلدون للنصوص القديمة وليس عندهم تفتح، واتهمونا في عقولنا وفي أفكارنا وفي جملنا وفي تقديراتنا. فإذن الحقيقة نحن ينبغي أن نكون واعين لحل هذه المشكلة ولا مانع عندي من أن توضع هذه الضوابط وغيرها وتحل هذه القضية على نحو سليم لنخرج بقرارات تتفق مع ما يتقبله الناس، نحن لا نصادم الشريعة كما قلت وإنما علينا أن نوازي ونحقق معنى العدل.
الرئيس:
نقطة بسيطة يا شيخ وهبة. قضية سخرية الناس واستهزائهم، المبطلون ما يزالون يسخرون بالحق فليست هذه حجة ولا أود أن تثار في مثل هذه الموضوعات؛ لأنه قرار صدر عن قناعة شرعية ولا نعتقد في جميع الإخوان إلا أنهم مقتنعون به حسبما يريدون به الله شرعًا. صار خطأ، صار صوابًا، ما زال يخطئون ويصيبون، وما زال الناس يستمرون على قرار أو يؤثرون على قرار بالنقض أو بنقض جزئية منه وما إلى ذلك، أما الذين يسخرون ويستهزئون فهم بين أحد رجلين، إما رجل مغرض أو أنه لا يفقه ولا يعرف حتى ولو كان ذا شأن؛ لأنه لا يجوز أن يسخر بقرار إلا إذا بناه على سوء الظن، وهذا أرجو أن يكون –إن شاء الله- مرفوعًا عن أهل العلم وأهل الرأي ومن يقصد الحق فيما يقرره. وشكرًا.