للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن أبا حنيفة والشافعي لا يعتبران سد الذرائع أصلًا قائمًا بذاته، بل هو داخل في الأصول المقررة كالقياس والاستحسان، يدل على ذلك ما قاله القرافي رحمه الله تعالى: " وأما الذرائع فقد أجمع العلماء على أنها ثلاثة أقسام، أحدها معتبر إجماعًا كحفر الآبار في طرق المسلمين وإلقاء السم في أطعمتهم وسب الأصنام عند من يعلم من حاله أنه يسب الله تعالى. وثانيها ملغي إجماعًا كزراعة العنب فإنه لا يمنع خشية الخمر. وثالثها مختلف فيه كبيوع الآجال، اعتبرنا نحن الذريعة فيها، وخالفنا غيرنا، فحاصل القضية أننا قلنا بسد الذرائع أكثر من غيرنا لا أنها خاصة بنا " (١) .

ومما يدل على ذلك أيضًا ما قاله الشاطبي: " أما الشافعي فالظن به أنه تم له الاستقرار في سد الذرائع على العموم، ويدل عليه قوله بترك الأضحية إعلامًا بعدم وجوبها وليس في ذلك دليل صريح من كتاب أو سنة وإنما فيه عمل جملة من الصحابة، وذلك عند الشافعي ليس بحجة، وأما أبو حنيفة فإنه ثبت عنه جواز إعمال الحيل، لم يكن من أصله في بيوع الآجال إلا الجواز، ولا يلزم من ذلك تركه لأصل سد الذرائع، وهذا واضح، إلا أنه نقل عنه موافقة مالك في سد الذرائع فيها وإن خالفه في بعض التفاصيل.. " (٢) .

ومن هنا نستطيع القول كما يقول المرحوم أبو زهرة: " إن العلماء جميعًا يأخذون بأصل الذرائع وإن لم يسموه بذلك الاسم" (٣) .


(١) تنقيح الفصول للقرافي ص ٢٠٠
(٢) الموافقات ٣/٣٠٥، ٣٠٦
(٣) الإمام مالك تأليف المرحوم أبو زهرة ص ٤١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>