للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق بين الحيل والذارئع عند الشاطبي:

عرف الشاطبي الحيل: أنها تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر.

يفهم من هذا التعريف أن الحيل يشترط فيها القصد من المكلف، وقد نص فيما بعد على ذلك حيث قال: ولكن هذا بشرط القصد إلى إبطال الأحكام الشرعية (١) . وعليه: أن الفرق واضح عن الشاطبي بين الحيل والذرائع، إذا اشترط القصد في الحيل، كما اعتبر الشاطبي الذرائع أوسع دائرة من الحيل وأعم وذلك بإدراجه الحيل في الذرائع (٢) . وهناك فرقان آخران بين الحيلة والذريعة:

فالذريعة لا يلزم فيها أن تكون مقصودة والحيلة لا بد من قصدها للتخلص من المحرم.

والحيلة تجري في العقود خاصة ـ والذريعة أعم.

ونخلص من ذلك كله إلى النتيجة التالية:

فحيث يشترط القصد في الحيل، أي أن يقصد المكلف المحرم ابتداء، ومع ذلك الحيل والذرائع، يلتقي كل منهما مع الآخر في صورة ... ويفترق في صور.

١- فمثال ما كان ذريعة وليس حيلة: سب الأوثان فإنه ذريعة إلى سب الله تعالى وكذلك سب الرجل والد غيره، فإنه ذريعة إلى أن يسب والده.

٢- ومثال ما كان حيلة وليس ذريعة ما يحتال من المباحات في الأصل كبيع النصاب في أثناء الحول فراره من الزكاة.

٣- ومثال ما كان ذريعة وحيلة: اشتراء البائع السلعة من مشتريها بأقل من الثمن وكالاعتياض عن ثمن الربوي بربوي لا يباع بالأول نساء.

هذا: والمراد بسد الذريعة: منعها على المكلف حتى لا يتوصل بسببها إلى المحرم، فهي وإن كانت جائزة بحد ذاتها لكنها تحرم لما تفضي إليه، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء، لبقيت على جوازها، ولما منع المكلف منها.

والمراد بإبطال الحيل: إلغاؤها وعدم الاعتداد بها، فإذا عرف أن المكلف محتال فتصرفه لاغ، ويعامل بنقيض قصده، فهو حينما سلك مسلك الحيل، أراد أن تكون مخرجًا له ومفرًا من حكم المسألة الشرعي الذي يريد أن يهرب منه، فهذا التصرف لا يخرجه عن الحكم الشرعي بل تبطل حيلته، ولا يكون لها الأثر الذي يريد (٣) .


(١) الشاطبي: الموافقات ج٤ ص ٢٠١
(٢) الشاطبي: الموافقات ج٤ ص ٢٠١
(٣) التركي أصول مذهب الإمام أحمد

<<  <  ج: ص:  >  >>