للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤-أقسام الذرائع بحسب القطع بتوصلها للحرام وعدم القطع، أحكامها وشروطها:

تنقسم الذريعة بالمعنى الخاص بحسب أحوال إفضاء الوسيلة الجائزة إلى المتوسل إليه الممنوع، ويختلف كل نوع بحسب قوة الإفضاء الذي يتردد بين أن يكون قطعيًا، أو كثيرًا غالبًا أو كثير غير غالب، أو نادرًا.

وكان الشاطبي رحمه الله أول من قسم الذرائع باعتبار مآلها وقطعية توصيلها للحرام وعدم القطع، وما يترتب عليها من ضرر أو مفسدة إلى أربعة أقسام (١) .

الأول: ما يكون أداؤه إلى المفسدة قطعًا: كحفر البئر خلف باب الدار في وسط الظلام، بحيث يقع الداخل فيه حتمًا، وشبه ذلك، هذا ممنوع غير جائز وإذا فعله شخص يعد متعديًا بفعله، ويضمن ضمان المتعدي في الجملة: إما لتقصيره في إدارك الأمور على وجهها، أو لقصده نفس الأضرار.

الثاني: ما يكون أداؤه إلى المفسدة نادرًا: كحفر البئر بموضع لا يؤدي غالبا إلى وقوع أحد فيه، وبيع الأغذية التي غالبها ألا تضر أحدًا، وهذا مباح باق على أصله من الإذن فيه؛ لأن الشارع أناط الأحكام بغلبة المصلحة، ولم يعتبر ندور المفسدة، إذ ليس في الأشياء خير محض، ولا شر محض، ولا توجد في العادة مصلحة خالية في الجملة عن المفسدة. قال الشاطبي: ولا يعد هنا قصد القاصد إلى جلب المصلحة أو دفع المفسدة ـ مع معرفته بندور المضرة عن ذلك ـ تقصيرًا في النظر، ولا قصدًا إلى وقوع الضرر، فالعمل إذن باق على أصل المشروعية.


(١) الموافقات: ٢/ ٣٥٨ ـ ٣٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>