للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- في بيوع الآجال تعارض أصلان: لأن البيع في الأصل مأذون فيه، وهناك أصل ثان: وهو صيانة الإنسان عن إيقاع الضرر بغيره، ويرجح الأصل الثاني لكثرة المفاسد المترتبة، فيجب المنع من هذه البيوع، ويخرج بالترجيح الفعل عن أصله وهو الإذن إلى العمل بالأصل الثاني، وهو المنع، سدا لذرائع الفساد والشر.

ج- وردت نصوص كثيرة بتحريم أمور كانت في الأصل مأذونا فيها، لأنها تؤدي في كثير من الأحوال إلى مفاسد، وإن لم تكن غالبة ولا مقطوعًا بها، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتباذ في الأوعية التي قد يتخمر النبيذ فيها ولا يعلم به، وهي الجرار الخضر ونحوها، لئلا يتخذ ذريعة، وحرم عليه الصلاة والسلام الخلوة بالأجنبية، وأن تسافر المرأة مع غير ذي رحم محرم، ونهى عن بناء المساجد على القبور وعن الصلاة إليها، وعن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، وقال: إنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم، وحرم خطبة المعتدة ونكاحها، حتى لا تكذب في انتهاء العدة، وحرم على المرأة في عدة الوفاة الطيب والزينة وسائر دواعي النكاح، ونهى عن البيع والسلف، وعن هدية المدين، وميراث القاتل، وحرم صوم يوم عيد الفطر والأضحى، إلى غيره مما هو ذريعة، فقد كان النهي في هذه الحالات خشية وقوع المفاسد التي قد تترتب عليها، وإن لم يكن المترتب بغلبة الظن أو بالعلم القاطع، والشريعة مبنية على الاحتياط والأخذ بالجزم، والتحرز مما عسى أن يكون طريقًا إلى مفسدة، كما قال الشاطبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>