للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة المثبتين: استدل أصحاب الاتجاه الأول لإثبات حجية الذرائع وكونها أحد أصول التشريع بأدلة واضحة من القرآن والسنة (١) . فمن القرآن الكريم قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا} [البقرة: ١٠٤] ، والمراد من كلمة (راعنا) المنهي عنها أنها اسم فاعل من الرعونة، كان اليهود يستعملون هذه الكلمة بقصد سب النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله سبحانه في حيلة اصطياد السمك من اليهود موبخًا لهم: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: ١٦٣] .

وأدلتهم في السنة النبوية: قوله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) (٢) . وقوله: ((إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات)) (٣) . ((المؤمنون وقافون عند الشبهات)) (٤) . ((من حام حول الحمى يوشك أن يواقعه)) (٥) . ((الإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس)) (٦) . ((استفت قلبك وإن أفتاك المفتون)) (٧) . ((إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه)) ، قيل: يا رسول الله، كيف يلعن الرجل والديه؟ قال: ((يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)) (٨) .


(١) قال ابن رشد في المقدمات الممهدات ٢/٤١: وأبواب الذرائع في الكتاب والسنة يقول ذكرها ولا يمكن حصرها، ثم أورد أحاديث كثيرة، وقال: والربا أحق ما حميت مراتعه ومنع منها لئلا يستباح الربا بالذرائع، وأيضًا فإن مراعاة التهمة أصل بني الشرع عليه، قال رسول الله عليه وسلم: (لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ولا جار إلى نفسه) .
(٢) رواه النسائي والترمذي والحاكم وصححاه عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنها.
(٣) رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.
(٤) ذكره الشوكاني في إرشاد الفحول: ص ٢١٧، ولم أجده في غير كتب الأصول
(٥) ذكره الشوكاني في إرشاد الفحول: وهو من حديث النعمان بن بشير السابق الذي في آخره: (ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه)
(٦) رواه أحمد والدارمي في مسنديهما بإسناد حسن عن وابصة بن معبد بلفظ: الإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك
(٧) تخريجه في الرقم السابق
(٨) رواه البخاري ومسلم من عبد الله بن عمرو، ورواه أبو داود في سننه

<<  <  ج: ص:  >  >>