للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل ابن تيمية رحمه الله على سد الذرائع بشواهد قولية وعملية من السنة، وهي ما يأتي:

١- الحديث السابق الذي ينهي عن شتم الرجل أبوي غيره، حتى لا يكون ذريعة إلى سب أبوي نفسه؛ لأن سب الغير يؤدي إليه.

٢- إن الشارع نهي عن خطبة المعتدة؛ لأنه قد يجر إلى ما هو أكبر منه، وهو الزواج في العدة.

٣- نهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع وسلف (١) ، مع أنه لو أفرد أحدهما عن الآخر يصح، لئلا يؤدي إلى الربا.

٤- نهى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المقرض عن قبول هدية المقترض (٢) ، حتى يحسبها من دينه، لئلا يتخذ ذريعة إلى تأخير الدين لأجل الهدية، فيكون ربا.

٥- إن الشارع منع أن يكون للقاتل ميراث (٣) ، لكيلا يتخذ القتل سبيلا لتعجيل الميراث.

٦- اتفق الصحابة على قتل الجماعة بالواحد، مع ما فيه من عدم المساواة، وذلك كيلا يكون ذريعة إلى الإجرام، ولا عقاب عليه.

٧- إن الله سبحانه وتعالى منع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما كان بمكة، من الجهر بالقرآن، فيسبون القرآن ومن أنزله ومن جاء به.

قال ابن تيمية بعد هذه الشواهد: والكلام في سد الذرائع واسع لا يكاد ينضبط، ولم نذكر من شواهد هذا الأصل إلا ما هو متفق عليه أو منصوص عليه، أو مأثور عن الصدر الأول شائع عنهم، إذ الفروع المختلف فيها، منها ما يحتج لها بهذه الأصول، ولا يحتج بها.

والأدلة عدا هذه كثيرة، وأفاض ابن القيم في سردها، حتى إنه أورد تسعًا وتسعين وجهًا للدلالة على سد الذرائع والمنع منها (٤) .


(١) رواه أحمد وأصحاب السنن وابن خزيمة والحاكم عن عمرو بن شعيب من أبيه عن جده
(٢) رواه القزويني وابن ماجه عن أنس بلفظ: (إذا أقرض أحدكم قرضًا، فأهدي له) أو حمله على الدابة، فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك، وفيه مجهول. وروى البخاري في تاريخه عن أنس: (إذا أقرض فلا يأخذ هدية) .
(٣) إعلام الموقعين ٣/١٤٩ ـ ٢١٧
(٤) إعلام الموقعين ٣/ ١٤٩ ـ ٢١٧

<<  <  ج: ص:  >  >>