للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-تحرير محل النزاع في الذرائع:

اتفق العلماء على أنه لا يجوز التعاون على الإثم والعدوان مطلقًا، وأن ما يؤدي إلى إيذاء جماعة المسلمين ممنوع، كحفر الآبار في الطريق العامة، أو إلقاء السم في طعامهم.

واتفقوا على أنه لا يجوز سب الأصنام، حيث يكون سببا في سب الله، عملًا بمقتضى قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨] .

واتفقوا على أن ما يكون طريقا للخير والشر، وفي فعله منفعة للناس، لا يكون محظورًا، كغرس العنب فإنه يؤدي إلى صنع الخمر، ولكن لم يكن غرسه لهذا الغرض بأصله، وإنما الانتفاع بغرسه أكبر من حصول الإضرار به، والعبرة للغالب (١) . ومثله أيضًا: المجاورة في البيوت خشية الزنى. وأما موضع الخلاف فهو في بيوع الآجال أو بيع العينة (٢) ، قال الشاطبي (٣) : قامت الأدلة على اعتبار الشرع سد الذرائع في الجملة، وهذا مجمع عليه، وإنما النزاع في ذرائع خاصة، وهي بيوع الآجال.

من أمثلة بيوع الآجال: أن يبيع البائع سلعة بعشرة دراهم إلى أجل، ثم يشتريها من المشتري بخمسة نقدًا. وهذه البيوع يقال: إنها تصل إلى ألف مسألة. ومن أشباهها في الحكم: كل مباح تذرع به إلى مفسدة كالنظر للضرورة إلى المرأة الأجنبية والتحدث معها من حيث إنه ذريعة للزنى.


(١) الموافقات ٤/ ٤٠٠، الفروق ٢/٣٣، ٣/٢٦٦، كتاب ابن حنبل للشيخ محمد أبي زهرة: ص٣٢٤
(٢) فرق المالكية بين بيوع الآجال وبيع العينة، أما بيع الأجل: فهو أن يبيع شيئًا لأجل كشهر، ثم يشتري البائع نفسه من المشتري بجنس ثمنه نقدًا بأقل من الثمن الأول أو إلى أقرب من الأجل، أو بأكثر من الثمن إلى أبعد من الأجل، فلا تجوز هاتان الصورتان للتهمة وأدائها إلى ممنوع: وهو اجتماع بيع وسلف أو سلف جر منفعة أو ضمان يجعل، وأما بيع العينة: فهو أن يقول شخص لآخر: اشتر سلعة بعشرة نقدًا، وأنا آخذها منك باثني عشر لأجل، فلا يجوز لما فيه من سلف جر نفعًا (شرح الكبير للدردير: ٣/٧٧، ٧٨، ٨٨
(٣) الموافقات ٣/ ٣٠٤ـ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>