للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ- تقسيم ابن القيم للذرائع:

لقد قسم ابن القيم الذرائع إلى أربعة أنواع وسماها وسائل فقال:

١- وسيلة وضعت للإفضاء إلى مفسدة كشرب المسكر المفضي إلى مفسدة السكر، وكالقذف المفضي إلى مفسدة الفرية، والزنى المفضي إلى اختلاط المياه وفساد الفراش ونحو ذلك، فهذه أفعال وأقوال وضعت مفضية لهذه المفاسد.

٢- وسيلة وضعت لمباح، وقصد بها التوسل إلى المفسدة كمن يعقد النكاح قاصدًا تحليل المطلقة لمن طلقها ثلاثًا، أو يعقد البيع قاصدًا به الربا ونحو ذلك.

٣- وسيلة وضعت لمباح لم يقصد بها التوسل إلى المفسدة، لكنها مفضية إليها غالبًا ومفسدتها أرجح من مصلحتها، كسب آلهة المشركين بين ظهرانيهم، وكالصلاة في أوقات النهي لغير سبب ونحو ذلك.

٤- وسيلة وضعت للمباح، وقد تفضي إلى المفسدة، ومصلحتها أرجح من مفسدتها كالنظر إلى المخطوبة والمشهود عليه، وفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي (١) .

وقال: إن الشريعة جاءت بإباحة هذا القسم الأخير أو استحبابه أو إيجابه بحسب درجاته في المصلحة، وجاءت بالمنع من القسم الأول كراهة أو تحريمًا بحسب درجاته في المفسدة.

قال: بقي النظر في القسمين: الثاني والثالث، هل جاءت الشريعة بإباحتهما أو المنع منهما؟ وقال إن الدلالة على المنع تلاحظ من وجوه، وسرد على ذلك أدلة بلغت تسعة وتسعين وجهًا، منها قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البقرة: ١٠٤] .

ومنها أنه تعالى نهى عن البيع وقت النداء للجمعة لئلا يتخذ ذريعة إلى التشاغل بالتجارة عن حضور الجمعة.

ومنها أن الآثار في تحريم العينة تدل على المنع من عود السلعة إلى البائع وإن لم يتواطأ على الربا، وما ذاك إلا سد للذريعة (٢) .

ومعلوم أن العينة عند الحنابلة بمثابة بيوع الآجال عند المالكية.


(١) مثل تحية المسجد بعد صلاة العصر
(٢) إعلام الموقعين: ٣/١٣٦، ١٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>