للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث

في تقسيم الأصوليين والفقهاء للذرائع

وبيان اتجاهاتهم في ذلك

للذرائع ـ عند الفقهاء ـ تقسيمان أساسيان يمكن رد التقسيمات الفرعية الأخرى لهما.

أول هذين التقسيمين تقسيم ابن القيم، والثاني تقسيم الشاطبي، وسوف أعرض هذين التقسيمين ثم أقارن بينهما.

أ- تقسيم ابن القيم:

قسم ابن القيم الذرائع من أقوال وأفعال إلى أربعة أقسام:

١- ذريعة أو وسيلة موضوعة للإفضاء إلى المفسدة كشرب الخمر المفضي إلى مفسدة السكر وكالقذف المفضي إلى مفسدة الفرية، والزنى المفضي إلى اختلاط الأنساب.

٢- ذريعة أو وسيلة موضوعة للمباح قصد بها التوسل إلى المفسدة كمن يعقد النكاح قاصدًا به التحليل أو يعقد البيع قاصدًا به الربا.

٣- ذريعة أو وسيلة موضوعة للمباح قصد به التوسل إلى المفسدة لكنها مفضية إليها غالبًا، ومفسدتها أرجح من مصلحتها وأمثلة هذا (الصلاة في أوقات النهي، وسب آلهة المشركين، وتزين المتوفى عنها زوجها في العدة.

٤- وسيلة موضوعة للمباح لم يقصد بها التوسل إلى المفسدة لكنها قد تفضي إليها إلا أن مصلحتها أرجح من مفسدتها، وأمثلة هذا النظر إلى المخطوبة، وكلمة الحق عند السلطان الجائر (١) .

والقسم الأول من الأقسام الأربعة ـ عند ابن القيم ممنوع وتأتي درجات المنع منه وكراهيته حسب ترقيه في درجات المفسدة، والقسم الأخير منها مباح وتأتي درجات إباحته حسب ترقيه في درجات المصلحة (٢) .

يبقى ـ بعد ذلك ـ النظر إلى القسمين الثاني وهو الأمر المباح في أصله الذي قصد به التوسل إلى المفسدة، والثالث وهو المباح الذي لم يقصد به التوسل إلى المفسدة إلخ. لكنه يفضي إليها ومفسدته أرجح من مصلحته.

وهذان النوعان هما اللذان يمنعان سدًا للذريعة عنده وقد أقام ابن القيم الحجة على ذلك بعد أن بسط هذه الأقسام.


(١) إعلام الموقعين لابن القيم ٣: ١٢٠
(٢) إعلام الموقعين لابن القيم ٣: ١٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>