للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- تقسيم الشاطبي:

قسم الشاطبي الذرائع إلى الأقسام التالية:

١- ما يكون من الأفعال مؤديًا إلى المفسدة قطعًا في العادة ومثل له بحفر البئر خلف باب الدار أو في الظلام بحيث يقع الداخل فيه بلا بد وشبه ذلك.

٢- ما يكون من الأفعال مؤديًا إلى المفسدة نادرًا ـ لا قطعًا ولا كثيرًا ـ كحفر البئر بموضع لا يؤدي غالبًا إلى وقوع أحد فيه، وأكل الأغذية التي غالبها لا يضر أحدًا.

٣- ما يكون أداؤه إلى المفسدة كثيرًا وهو على وجهين.

ـ أحدهما: ما يكون غالبًا في كثرته بحيث يغلب على الظن أداؤه إليها كبيع السلاح وقت الحرب، وبيع العنب لخمار ونحو ذلك مما يقع في غالب الظن أداؤه إلى المفسدة.

_ثانيهما: ما يكون أداؤه إلى المفسدة كثيرًا ولكن كثرته لم تبلغ مبلغًا تحمل العقل على ظن المفسدة فيه دائمًا كمسائل بيوع الآجال (١) .

وقال عن القسم الأول وهو ما أدى إلى المفسدة قطعًا بحسب العادة: إنه جائز من حيث الأصل إلا أنه مظنة لقصد الإضرار، والإضرار لا يجوز سواء كان مقصودًا وهو ظاهر عدم جوازه، أو كان ناتجًا عن تقصير في النظر وهو الآخر غير جائز.

وقال عن القسم الثاني وهو ما أدى إلى المفسدة نادرًا أنه على أصله من الإذن لغلبة المصلحة فيه وعدم اعتبار الندور في انخرامها لأنه لا توجد في الجملة مصلحة عرية عن المفسدة.

وقال عن الوجه الأول من القسم الثالث وهو ما يغلب على الظن أداؤه إلى المفسدة كبيع السلاح وقت الحرب إلخ: إن الظن هنا يلحق بالعلم القطعي ويعتبر سدًا للذريعة إلا أنه مع ذلك ـ قرر أن هذا الضرب أخفض مرتبة من القطعي ولهذا وقع الخلاف فيه من جهة هل تقوم مظنة الشيء مقام نفس القصد إلى ذلك الشيء أم لا (٢) ؟

أما الوجه الثاني ـ من القسم الثالث ـ وهو ما أدى إلى المفسدة كثيرًا لا غالبًا كبيوع الآجال فقد قرر فيه أنه موضع نظر والتباس، والأصل فيه الحمل على الأصل وهو صحة الإذن لأن العلم والظن بوقوع المفسدة منتفيان فيه وليس فيه إلا احتمال التردد بين وقوع المفسدة وعدمه ولا قرينة ترجح أحد الاحتمالين على الآخر، كما أن احتمال القصد إلى المفسدة لا يقوم مقام نفس القصد (٣) .


(١) الموافقات ٢: ٢٥٦
(٢) الموافقات ٢: ٢٦٥
(٣) الموافقات ٢: ٢٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>